فرُفع إليه أن «صوفيّا» قد سرق! فأمر باحضاره ، فاحضر فإذا هو رجل متقشّف بين عينيه آثار السجود!
فلمّا رآه المأمون قال : سوأة لهذه الآثار الجميلة ولهذا الفعل القبيح! ثمّ خاطبه فقال له : اتُنسب إلى السرقة مع ما أرى من ظاهرك وجميل آثارك!
فقال الرجل : إنّما فعلت ذلك اضطراراً حين مُنعت حقي من الفيء والخمس! فإنّ الله قسّم الخمس ستة أقسام قال : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ (١)) وكذلك قسّم الفيء على ستة أقسام قال : (مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَايَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ (٢)) وأنا من حملة القرآن ومسكين لا أرجع إلى شيء وابن سبيل منقطع بي وأنت منعتني حقي!
فقال له المأمون : أمن أجل أساطيرك هذه اعطّل حداً من حدود الله وحكماً من أحكامه في السارق؟!
فقال له الصوفي : ابدأ بنفسك فطهّرها ثمّ طهّر غيرك ، وأقم حدّ الله عليها ثمّ على غيرك!
فغضب المأمون غضباً شديداً وقال له : والله لأَقطعنّك! فقال : أتقطعني وأنت عبدي!
قال المأمون : ويلك ومن أين صرتُ لك عبداً!
__________________
(١) الأنفال : ٤١.
(٢) الحشر : ٧.