فقيل له : يابن رسول الله ، قد زالت الشمس أفلا نصلّي؟ فنزل وطلب الماء فقيل له : ما معنا ماء. فبحث بيده الأرض فنبع من الماء ما توضّأ به هو ومن معه وصلّوا ، وبقي أثره ، وركبوا حتّى وصلوا إلى قرية سناباد.
وكان فيها جبل استند الرضا عليهالسلام إليه ودعا له فقال : اللهم انفع به وبارك في ما يُنحت منه وفيما يُجعل فيه! ثمّ أمر أن تنُحت له منه قدور وقال : لا يُطبخ ما آكله إلّافيها. وظهرت بركة دعائه فيه واهتدى الناس إليه.
وكان في سناباد دار حُميد بن قحطبة الطائي القائد العباسي ، وفي قبة فيه دُفن هارون الرشيد ، فدخل الرضا عليهالسلام إلى تلك القبة وأهوى إلى جانب قبر هارون وخطّ بيده الأرض وقال لمن حضره : «هذه تربتي وفيها ادفن! وسيجعل الله هذا المكان مختلف «شيعتي» وأهل محبّتي ، والله ما يزورني منهم زائر ، ولا يسلّم عليَّ منهم مسلّم ، إلّاأوجب الله له غفرانه ورحمته بشفاعتنا «أهل البيت» ...» ثمّ استقبل القبلة فصلّى ركعات ودعا بدعوات ، فلمّا فرغ سجد سجدة سبّح فيها خمسمئة تسبيحة (١).
ثمّ ركبوا إلى مرو.
ولما أشرف على حيطان طوس أبصر جنازة ، قال موسى بن يسار : كنت مع أبي الحسن عليهالسلام رأيت سيّدي لما بصر بها ثنى رجله عن فرسه (كذا) ثمّ أقبل نحو الجنازة فرفعها وأقبل عليَّ وقال لي : «يا موسى ، من شيّع جنازة وليّ من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمه لا ذنب عليه»!
فلما وُضعت جنازة الرجل على شفير قبره وضع سيّدي يده على صدر الميت ثمّ قال له : يا فلان بن فلان! أبشر بالجنة فلا خوف عليك بعد هذه الساعة!
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٣٦ ـ ١٣٧.