والتي أعاد بناءها جوهر الصقلي قائد الفاطميين فسمّاها القاهرة باسم القاهر بدين الله الفاطمي. ومرقده معروف بها يُزار. وهو من أولاد عبد مناف نُسب إلى جدّه شافع بن السائب الذي أسلم يوم بدر. ولد في غزّة من فلسطين ، وحفظ القرآن قبل العاشرة ، وحيث كان المنصور الدوانيقي ناصر مالك بن أنس ونشر موطّأه ، فالشافعي قال : حفظت الموطّأ وأنا ابن عشر سنين حتى قدمت على مالك وأنا ابن خمس عشرة سنة! فأخذ منه علمه ومن سفيان بن عُيينة ، وسافر إلى بغداد سنة (١٧٥ ه) فسمع بها الحديث من محمد بن الحسن الشيباني وناظره ، وناظر بها بشر المرّيسي المعتزلي. وسمع منه أحمد بن حنبل فكان يقول : ما عرفت ناسخ الحديث ومنسوخه حتى جالست الشافعي! وكفّر من كان يقول بخلق القرآن بحجة : أن الله خلق الخلق بكُن! فإذا كانت كن مخلوقة كان مخلوقاً خُلق بمخلوق!! وأنكر على أهل الكلام ومن يشتغل به! ونظر في النجوم ثمّ أعرض ودفن كتبها.
وكان يتعاطى الشعر حتى أنّ الأصمعي قرأ عليه ديوان الشنفري والهُذليين بمكة (١) ومن شعره :
إذا في مجلس ذكروا علياً |
|
وسبطيه وفاطمة الزكيّة |
فأجرى بعضهم ذكرى سواهم |
|
فأيقِن أنه لِسَلَقلَقِيّة! |
إذا ذكروا علياً أو بنيه |
|
تشاغل بالروايات العلية |
وقال : تجاوزوا يا قوم هذا |
|
فهذا من حديث «الرافضية» |
برئت إلى المهيمن من أُناس |
|
يرون «الرفض» حبّ الفاطمية |
على آل الرسول صلاة ربّي |
|
ولعنته لتلك الجاهلية! |
__________________
(١) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٠٥ و ٢٠٦.