المهدي وبغداد منذ دخول المأمون إليها سنة (٢٠٤ ه) ولما انتقل من غربيّ بغداد إلى شرقها حمل كتبه على مئة وعشرين وقراً (١).
ولد بالمدينة لأبيه عمر بن واقد مولى فارسي لبني أسلم ، قُبيل مولد دولة العباسيين ، وبدأ حياته في سنّ مبكّرة في جمع أخبار السيرة النبوية ومغازيها ، ويدرّس جزءه في ذلك إلى اسطوانة من المسجد النبوي.
فلمّا حجّ الرشيد مع وزيره يحيى بن خالد البرمكي وزارا المدينة ، طلب البرمكي للرشيد من يدلّهم على المشاهد وقبور الشهداء فدلّوهما على أبي عبد الله الواقدي ، فصحبهما في زيارتهما ، فلم يدع موضعاً من المواضع ولا مشهداً من المشاهد إلّامرّ بهما عليه ، فمنحه الرشيد عشرة آلاف درهم ، فقضى بها دينه وزوّج بعض ولده.
قال : ثمّ إنّ الدهر ضايقنا ، فقالت لي أُم عبد الله : إنّ وزير أمير المؤمنين (يحيى البرمكي) قد عرفك وسألك أن تسير إليه! فما قعودك؟! فرحل من المدينة إلى بغداد ، فوجد البلاط قد انتقل إلى الرَّقة بالشام (٢) فلحق بهم ، قال : فصار إليّ من السلطان ستمئة ألف درهم (٣) وعاد الواقدي معهم إلى بغداد ، وأقام بها ، حتى عاد المأمون من خراسان فجعله قاضياً لعسكر المهدي في شرقي بغداد (٤) وعليه فلم يكن بمرو مع المأمون والرضا عليهالسلام.
وأراد منه المأمون أن يصلي الجمعة ، فقال : ما أحفظ القرآن حتى سورة
__________________
(١) الوافي بالوفيات ٤ : ٢٣٨.
(٢) الطبقات الكبرى ٥ : ٣١٥.
(٣) تاريخ بغداد ٣ : ٢٠.
(٤) الطبقات الكبرى ٧ : ٧٧.