فقال أبو جعفر عليهالسلام : خبّرني عن رجل نظر إلى امرأة في أول النهار فكان نظره إليها حراماً ، فلمّا ارتفع النهار حلّت له ، فلمّا زالت الشمس حرمت عليه ، فلمّا كان وقت العصر حلّت له ، فلمّا غربت الشمس حرمت عليه ، فلمّا دخل وقت العشاء الآخرة حلّت له ، فلمّا كان انتصاف الليل حرمت عليه ، فلمّا طلع الفجر حلّت له. ما حال هذه المرأة؟ وبماذا حلّت له وحرمت عليه؟
فقال له يحيى بن أكثم : لا والله ما أهتدي إلى جواب هذا السؤال ولا أعرف الوجه فيه! فإن رأيت أن تفيدناه.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها أجنبي في أول النهار فكان نظره إليها حراماً عليه ، فلمّا ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلّت له ، فلمّا كان الظهر أعتقها فحرمت عليه ، فلمّا كان وقت العصر تزوّجها فحلّت له ، فلمّا كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه فلمّا كان وقت العشاء الآخرة كفّر عن الظهار فحلّت له ، فلمّا كان نصف الليل طلّقها واحدة فحرمت عليه ، فلمّا كان عند الفجر راجعها فحلّت له.
قال الريّان : فأقبل المأمون على من حضره من أهل بيته فقال لهم : هل فيكم أحد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب؟! أو يعرف القول فيما تقدم من السؤال؟!
قالوا : لا والله ، وإن أمير المؤمنين أعلم وأرى.
فقال لهم : ويحكم! إنّ «أهل هذا البيت» خُصّوا من الخلق بما ترون من الفضل! وإنّ صِغر السنّ فيهم لا يمنعهم من الكمال! أما علمتم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله بايع الحسن والحسين عليهماالسلام وهما ابنا دون الستّ سنين ، ولم يبايع صبيّاً غيرهما! أفلا تعلمون الآن ما اختصّ الله به هؤلاء القوم ، وأنهم ذريّة بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لأولهم؟!