وعن حمل الناس على التدين بالخلاف. وذلك أنّ هذين الرجلين لا يخلوا من أن يكونا متفقين من كل جهة ، أو مختلفين؟ فإن كانا متفقين من كل جهة لزم أن يكونا واحداً في العدد والصفة والصورة والجسم ، وهذا معدوم أن يكون اثنان معنى واحداً من كل جهة. وإن كانا مختلفين ، فكيف يجوز الاقتداء بهما؟! وهذا تكليف بما لا يُطاق ؛ لأنّك إذا اقتديت بواحد خالفت الآخر.
والدليل على اختلافهما : أنّ أبا بكر سبى أهل الردة ، وعمر ردّهم أحراراً! وأشار عمر على أبي بكر بعزل خالد وبقتله بمالك بن نويرة فأبى عليه أبو بكر! وعمر حرّم المتعتين ، ولم يفعله أبو بكر! ووضع عمر «ديوان العطايا» ولم يفعله أبو بكر ، واستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر ، وله نظائر كثيرة (١).
فقال آخر من أصحاب الحديث : فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر!
فقال المأمون : هذا مستحيل ؛ من قِبَل أنّ رواياتكم أنّه آخى بين أصحابه وأخّر علياً ، فقال له في ذلك ، فقال له : «ما أخّرتك إلّالنفسي» فأي الروايتين ثبتت بطلت الأُخرى!
قال الآخر : إنّ علياً قال على المنبر : خير هذه الأُمة بعد نبيّها أبو بكر وعمر!
__________________
(١) علّق الصدوق هنا فقال : هنا معنى لم يذكره المأمون ، وهو : أنهم لم يرووا أنّ النبيّ قال : اقتدوا باللذين بعدي أبي بكر وعمر! وإنما ورد : أبو بكر وعمر ، ومنهم من روى : أبا بكر وعمر. فلو كانت الرواية صحيحة لكان معنى قوله بالنصب (أبا بكر وعمر) : اقتدوا باللذَين من بعدي (كتاب الله وعترتي) يا أبا بكر وعمر! وعلى قوله بالرفع (أبو بكر وعمر): (أيها الناس) وأبو بكر وعمر اقتدوا باللذَين من بعدي (كتاب الله وعترتي).