ولا يمنعكم جلالتي ومكاني من قول الحق حيث كان ، وردّ الباطل على من أتى به ، وأشفقوا على أنفسكم من النار! وتقربوا إلى الله تعالى برضوانه وإيثار طاعته فما أحد تقرّب إلى مخلوق بمعصية الخالق إلّاسلّطه الله عليه! فناظروني بجميع عقولكم!
ثمّ قال : إني رجل أزعم أنّ علياً خير البشر بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله! فإن كنت مصيباً فصوّبوا قولي ، وإن كان خطأً فهلّموا وردّوا عليَّ! فإن شئتم سألتكم وإن شئتم فاسألوني.
فقال بعض أهل الحديث : بل نسألك! فقال : هاتوا ، وقلّدوا كلامكم رجلاً واحداً منكم ، فإذا تكلّم فإن كان عند أحدكم زيادة فليزد ، وإن أتى بخلل فسدّدوه.
فقال قائل منهم : إنما نزعم نحن أنّ خير الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله أبو بكر من قِبل أنّ الرواية المُجمع عليها عن الرسول صلىاللهعليهوآله جاءت أن قال : اقتدوا باللذين من بعدي أبو بكر وعمر! فلمّا أمر نبي الرحمة بالاقتداء بهما علمنا أنّه لم يأمر بالاقتداء إلّابخير الناس.
فقال المأمون : الروايات كثيرة ، ولابدّ من أن تكون كلّها حقاً ، أو كلهّا باطلاً ، أو بعضها حقاً وبعضها باطلاً. فلو كانت كلّها حقاً لزم أن تكون كلها باطلاً! من قبل أن بعضها ينقض بعضاً! ولو كانت كلّها باطلاً كان في بطلانها بطلان الدين واندراس الشريعة. فلمّا بطل الوجهان ثبت الثالث بالضرورة ، وهو : أنّ بعضها حق وبعضها باطل. وإذا كان كذلك فلابدّ من دليل يدلّ على ما يحقّ منها ليُعتقد ويُنفى خلافه ، فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقّاً كان أولى ما أعتقده وآخذ به.
وروايتك هذه من الأخبار التي أدلتها باطلة في نفسها ؛ وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أحكم الحكماء وأولى الخلق بالصدق ، وأبعد الناس عن الأمر بالمحال