وجعله يحمل أخبار الرضا إليه وإلى المأمون فلا يُخفى عليهما من أخباره شيئاً ، فحظي بذلك عند المأمون حتّى ولّاه حِجابة الرضا! فكان لا يصل إلى الرضا إلّا من أحبّ ، وكان من يقصده من مواليه لا يصل إليه! وكان لا يتكلم الرضا في داره بشيء إلّاأورده هشام على المأمون وذي الرياستين ؛ وحتّى جعله المأمون مؤدِّباً لابنه العباس ، ولذلك سُمي : هشام العباسي.
قال : وكان منزل أبي الحسن الرضا بجنب منزل المأمون ، وكان المأمون يأتي الرضا يوماً والرضا يأتي المأمون يوماً (١).
وروى الصدوق بسنده عن إبراهيم بن هاشم القمي قال : كان الريّان بن الصلت القمي من رجال الحسن بن سهل (أخ الفضل) قال : لما انقضى أمر المخلوع واستوى أمر المأمون .. حمل الرضا عليهالسلام إليه على طريق البصرة والأهواز وفارس حتّى وافى مرو.
فلمّا وافى مرو عرض عليه المأمون أن يتقلد الإمرة والخلافة! فأبى الرضا عليهالسلام ذلك ، وجرت في هذا مخاطبات كثيرة ، بقوا في ذلك نحواً من شهرين (ظ رجب وشعبان) كل ذلك يأبى أبو الحسن الرضا عليهالسلام أن يقبل ما يعرض عليه.
فلمّا كثر الكلام والخطاب في هذا قال المأمون : فولاية العهد. فقال له : على شروط أسألك إياها! فقال المأمون : سل ما شئت.
فكتب الرضا عليهالسلام : «إني أدخل في ولاية العهد على أن لا آمر ولا أنهى ، ولا أقضي ولا أُفتي ولا أُغيّر شيئاً مما هو قائم ، وتعفيني عن ذلك كلّه ..» فقبلها على كل هذه الشروط وأجابه المأمون إلى ذلك (٢).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٥٣ و ١٥٤.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٤٩ ـ ١٥٠.