فقال قائل منهم : أليست إمامة علي (١) من قبل الله عزوجل نُقل ذلك عن رسول الله؟ قال : بلى.
قال : فما بالهم لم يختلفوا في الفرائض واختلفوا في خلافة علي وحدها؟
قال المأمون : لأنّ جميع الفرائض لا يقع فيها من التنافس والرغبة ما يقع في الخلافة!
فقال آخر : أفهل تنكر أن يكون النبيّ صلىاللهعليهوآله دون أن يستخلف هو بنفسه أمرهم باختيار رجل منهم يقوم مقامه ، رأفة بهم ورقّة عليهم أن يستخلف هو بنفسه فيعصى فينزل بهم العذاب؟!
قال : أُنكر ذلك ؛ من قِبَل أنّ الله تعالى أرأف بخلقه من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وقد بعث نبيّه إليهم وهو يعلم أنّ فيهم مطيع وعاص فلم يمنعه ذلك من إرساله إليهم.
وعلة أُخرى : أن لو أمرهم باختيار رجل منهم فلا يخلو من أن : يأمرهم كلهم؟ أو بعضهم ، فلو أمر الكل فمن يكون المختار؟ ولو أمر بعضاً دون بعض فلا يخلو أن يكون عليه علامة ، فإن كانوا الفقهاء فلابدّ من تحديد الفقيه وسمته (كذا).
فقال آخر : فقد روي : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ما رآه المسلمون حسناً فهو حسن عند الله! وما رأوه قبيحاً فهو قبيح عند الله!
فقال المأمون : فلابدّ من أن يكون يريد كل المؤمنين أو بعضهم ، فإن أراد الكل فهذا مفقود ؛ لأنّه لا يمكن اجتماع الكل ، وإن كان البعض فقد روى كلٌ في صاحبه حسناً : مثل رواية «الشيعة» في علي ، ورواية «الحشوية!» في غيره ، فكيف تثبت الإمامة؟!
قال آخر : أفيجوز أن تزعم أنّ «أصحاب محمد» أخطؤوا؟!
__________________
(١) هكذا ينقلب الحديث هنا من الكلام في تفضيل علي عليهالسلام إلى القول بإمامته!