قال : أنت تزعم أنّ الإمامة لا فرض من الله تعالى ولا سنة من الرسول صلىاللهعليهوآله ، فكيف يكون الخطأ فيما ليس بفرض ولا سنة عندك؟! وكيف تزعم أنهم أخطؤوا واجتمعوا على ضلالة وهم لم يعلموا؟!
قال آخر : فإن كنت أن تدّعي الإمامة لعلي دون غيره فهات على ما تدعي بيّنتك.
فقال : ما أنا بمدّعٍ .. فإنّ المدّعي من يزعم أنّ إليه التولية والعزل وأنّ إليه الاختيار ، ولكنّي مقرٍّ ولا بيّنة على المُقرّ. والبيّنة لا تخلو من أن تكون من شركائه فهم خصماء ، أو تكون من غيرهم ولا وجود لهم.
قال آخر : أفما وجب على علي بعد مضيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يُعلم الناس أنّه إمام؟
فقال : إنّ الإمامة لا تكون بفعل منه في نفسه ، ولا بفعل من الناس من اختيار أو تفضيل أو غير ذلك ، وإنما تكون بفعل من الله تعالى كما قال لإبراهيم عليهالسلام : (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً (١)) وكما قال لداود عليهالسلام : (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ (٢)) فالإمام إنّما يكون إماماً من قبل الله تعالى وباختياره إياه من بدء الصنيعة ، وفي التشريف في النسب ، والطهارة في المنشأ ، و «العصمة» في المستقبل (٣). ولو كانت بفعل منه في نفسه كان من فعل ذلك الفعل مستحقاً للإمامة وإذا عمل خلافه انعزل ، فيكون خليفة من قبل أفعاله (وليس من الله).
__________________
(١) البقرة : ١٢٤.
(٢) سورة ص : ٢٦.
(٣) هذا ، ونعيد إلى الذاكرة ما ذُكر قبل من مناظراته مع الرضا عليهالسلام في ظواهر ألفاظ القرآن الكريم الموهمة لخلاف عصمة الأنبياء ، فهل اعتقد بها حتى للأوصياء؟