قال آخر : فلم أوجبت الإمامة لعلي بعد الرسول صلىاللهعليهوآله؟
فقال : لخروجه من الطفولية إلى الإيمان كخروج النبيّ من الطفولية إلى الإيمان ، والبراءة من ضلالة قومه عن المحجة واجتنابه الشرك ، كبراءة النبيّ من الضلالة واجتنابه الشرك ؛ لأنّ الشرك ظلم ولا يكون الظالم إماماً!
قال آخر : فلم لم يقاتل علي أبا بكر وعمر كما قاتل معاوية؟
فقال : وقد ترك رسول الله صلىاللهعليهوآله قتال المشركين يوم صدّوا لهديه عن البيت يوم الحديبية ، فلمّا وجد الأعوان وقوي حارب ، كما قال الله تعالى له في أول أمره : (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (١)) ثمّ قال عزوجل : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ (٢)) وإنما يجب أن يُنظر في أمر علي أمِن قبل الله؟ أم من قبل غيره؟ فإن صحّ أنه من قبل الله فقد قال تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَايُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَايَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٣)) فأفعال الفاعل تبع لأصله ، فإن كان قيامه عن الله تعالى فأفعاله عنه ، وعلى الناس الرضا والتسليم.
قال آخر : إذا زعمت أنّ إمامة علي من قبل الله تعالى وأنّه مفترض الطاعة ، فلم لم يجز للأنبياء عليهمالسلام إلّاالتبليغ والدعاء ، وجاز لعلي أن يترك دعوة الناس إلى طاعته؟!
فقال : من قِبل أنا نزعم أنه وضع علَماً بين الله تعالى وبين خلقه. فمن تبعه كان مطيعاً ومن خالفه كان عاصياً ، فإن وجد أعواناً يتقوّى بهم فعليه أن يجاهد ،
__________________
(١) الحجر : ٨٥.
(٢) التوبة : ٥.
(٣) النساء : ٦٥.