وإن لم يجد أعواناً فاللوم عليهم ولا لوم عليه ؛ لأنهم أُمروا بطاعته على كل حال ، وهو لم يؤمر بمجاهدتهم إلّابقوة.
ثمّ هو بمنزلة البيت ، على الناس الحج إليه إذا حجّوا أدّوا ما عليهم ، وإذا لم يفعلوا كانت اللائمة عليهم.
وقال آخر : إذا وجب بالضرورة أن لابد من إمام مفترض الطاعة ؛ فكيف يثبت بالضرورة أنه عليّ لا سواه؟
فقال : من قِبل أنّ الله لا يفرض ممتنعاً والمجهول ممتنع ، فالله لا يفرض مجهولاً ، فلابد من دلالة الرسول على الفرض ، ليقطع العذر بين الله عزوجل وبين عباده. أرأيت لو فرض الله تعالى على الناس صوم شهر ثمّ لم يعلم الناس أي شهر هو؟ ولم يوسَم بوسم وكان على الناس استخراج ذلك بعقولهم حتى يصيبوا ما أراد الله تعالى ، فيكون الناس حينئذٍ مستغنين عن الرسول المبيِّن لهم ، وعن الإمام الناقل لهم خبر الرسول.
وقال آخر : إنّ الناس يزعمون أنّ علياً حين دعاه النبيّ كان صبياً ، ولم يكن بلغ مبلغ الرجال ولا جاز عليه الحكم ، فمن أين تُثبت أنّ علياً كان بالغاً حين دعاه النبي صلىاللهعليهوآله؟
فقال : من قِبل أنه لا يخلو في ذلك الوقت من : أن يكون ممن أُرسل إليه النبيّ ليدعوه ، فهو محتمل التكليف قوي على أداء الفرائض ، وإن كان ممن لم يرسل عليه فقد لزمه قول الله عزوجل : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ* لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (١)) ومع ذلك كان قد كلّف النبيّ عباد الله عن الله ما لا يطيقون ، وهذا من المُحال الذي يمتنع كونه ولا يأمر به حكيم ولا يدل
__________________
(١) الحاقة : ٤٤ ـ ٤٦.