عليه الرسول ، تعالى الله عن أن يأمر بالمُحال ، وجلّ الرسول من أن يأمر بخلاف ما يمكن كونه في حكمة الحكيم. فعند ذلك سكت القوم جميعاً.
فقال لهم المأمون : قد سألتموني ونقضتم علي ، أفأسألكم؟ قالوا : نعم.
قال : أليس قد روت الأئمة «بإجماع» منها : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : «من كذب علي متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار»؟ قالوا : بلى.
قال : ورووا عنه أنّه قال : «من عصى الله بمعصية صغرت أو كبرت ثم اتّخذها ديناً ومضى مصرّاً عليها ، فهو مخلّد بين أطباق الجحيم»؟ قالوا : بلى.
قال : فخبرّوني عن رجل تختاره الأُمة فتنصبه خليفة ، هل يجوز أن يقال له خليفة رسول الله ومن قبل الله ، ولم يستخلفه الرسول؟! فإن قلتم : نعم ، فقد كابرتم ، وإن قلتم : لا ، ثبت أن أبا بكر لم يكن خليفة رسول الله ولا كان من قبل الله ، وأنكم تكذبون على نبي الله صلىاللهعليهوآله ، فأنتم متعرضون لأن تكونوا ممن وسمه النبيّ بدخول النار!
وخبّروني : في أي قوليكم صدقتم : أفي قولكم مضى صلىاللهعليهوآله ولم يستخلف ، أو في قولكم لأبي بكر : خليفة رسول الله؟ فإن قلتم صدقتم في القولين فهذا لا يمكن إذ هو متناقض ، وإن صدقتم في أحدهما بطل الآخر.
فاتقوا الله! وانظروا لأنفسكم ، ودعوا التقليد وتجنّبوا الشبهات ، فوالله ، ما يقبل الله تعالى إلّامن عبد لا يأتي إلّابما يُعقل ، ولا يدخل إلّافيما يعلم أنه حق ، والريب شك ، وإدمان الشك كفر بالله وصاحبه في النار!
وخبّروني : هل يجوز أن يبتاع أحدكم عبداً فإذا ابتاعه صار مولاه وصار المشتري عبده؟ قالوا : لا. قال : فكيف جاز أن يكون من اجتمعتم عليه أنتم لهولكم واستخلفتموه صار خليفة عليكم وأنتم ولّيتموه؟! ألا كنتم أنتم الخلفاء