عليه! بل تولّون خليفة وتقولون : إنه خليفة رسول الله ، ثمّ إذا سخطتم عليه قتلتموه ، كما فُعل بعثمان بن عفّان!
فقال قائل منهم : ذلك لأنّ الإمام وكيل المسلمين فإذا رضوا عنه ولّوه وإذا سخطوا عليه عزلوه.
قال : فالمسلمون والعباد والبلاد لمن؟ قالوا : لله تعالى. قال : فوالله لهو أولى أن يوكّل على عباده وبلاده من غيره ؛ لأن «إجماع» الأُمة على أنه : من أحدث حدثاً في ملك غيره فهو ضامن ، وليس له أن يُحدث ، فإن فعل فهو آثم غارم.
ثمّ قال : خبّروني عن النبيّ صلىاللهعليهوآله هل استخلف حين مضى أم لا؟ فقالوا : لم يستخلف! قال : فترْكه ذلك هدى أم ضلال؟ قالوا : هدى! قال : فعلى الناس أن يتّبعوا الهدى ويتركوا الباطل ويتنكّبوا الضلال؟ قالوا : وقد فعلوا ذلك! قال : فلم استخلف الناس بعده وقد تركه هو؟ و «محال» أن يكون خلاف الهدى هدى! وإذا كان ترك الاستخلاف هدى فلم استخلف أبو بكر ولم يفعله النبي صلىاللهعليهوآله؟! ولم جعل عمر الأمر بعده شورى بين المسلمين خلافاً لصاحبه؟! وقد زعمتم أنّ النبيّ لم يستخلف وأن أبا بكر استخلف وعمر لم يترك الاستخلاف كما تركه النبيّ بزعمكم ولم يستخلف كما فعل أبو بكر وجاء بمعنى ثالث : فخبّروني : أي ذلك ترونه صواباً؟! فإن رأيتم فعل النبيّ صواباً فقد خطّأتم أبا بكر ، وكذلك القول في بقية الأقاويل. فخبّروني : أيهما أفضل : ما فعل النبيّ بزعمكم من ترك الاستخلاف؟ أو ما صنعت طائفة من الاستخلاف؟! وخبّروني : هل يجوز أن يكون تركه من الرسول هدى وفعله من غيره هدى! فيكون هدى ضد هدى! فأين الضلال حينئذٍ؟!
وخبّروني : هل ولي أحد بعد النبيّ باختيار الصحابة؟ فإن قلتم : لا ؛ فقد أثبتم أنّ الناس كلهم عملوا ضلالة بعد النبي ، وإن قلتم : نعم ؛ فقد كذّبتم الأُمة وأبطل قولَكم ما لا يُدفع.