فقال له المأمون : يابن رسول الله ؛ لابدّ لك من قبول هذا الأمر!
فقال : لست أفعل ذلك طائعاً أبداً! (وانفضّ المجلس على هذا).
قال أبو الصلت : فما زال المأمون يجهد به أياماً (وقد مرّ أنها كانت شهرين) حتّى يئس من قبوله.
فقال له : فإن لم تقبل الخلافة ولم تحبّ مبايعتي لك ، فكن وليّ عهدي لتكون لك الخلافة بعدي.
فقال الرضا عليهالسلام : والله لقد حدّثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنّي أخرج من الدنيا قبلك مقتولاً بالسمّ مظلوماً! وادفن في أرض غربة إلى جنب (أبيك) هارون الرشيد! فتبكي عليَّ ملائكة السماء والأرض!
فبكى المأمون وقال : يابن رسول الله ، ومَن الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حي؟
فقال الرضا عليهالسلام : أما إني لو أشاء أن أقول مَن الذي يقتلني لقلت!
فقال المأمون : يابن رسول الله ؛ إنّما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الأمر عنك ؛ ليقول الناس إنك زاهد في الدنيا!
فقال الرضا عليهالسلام : والله ما كذبت منذ خلقني ربّي عزوجل ، وما زهدت في الدنيا للدنيا ، وإني لأَعلم ما تريد!
فقال المأمون : وما اريد؟ قال : الأمان على الصدق؟ قال : لك الأمان! قال : تريد بذلك أن يقول الناس : إنّ علي بن موسى لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه! ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة!
فغضب المأمون ثمّ قال : إنك تتلقاني أبداً بما أكرهه! وقد أمنت سطوتي! فبالله أُقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلّا أجبرتك على ذلك ، فإن فعلت وإلّا ضربت عنقك!