قال : أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه!
فقال : فأمّا إذ أقسمت عليَّ بالله ، فإني أقول : إنهم أخطؤوا فيه السنة ؛ فإنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أُصول الأصابع ، فيُترك الكف.
قال : وما الحجة في ذلك؟ قال : قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : «السجود على سبعة أعضاء : الوجه واليدين والركبتين والرجلين» فإذا قُطعت يده من الكُرسوع أو المِرفق لم يبق له يد يسجد عليها ، وقال الله تبارك وتعالى : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ (١)) يعني بها هذه الأعضاء السبعة التي يُسجد عليها (فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً (٢)) وما كان لله لا يُقطع!
قال : فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.
قال ابن أبي دؤاد : فقامت قيامتي وتمنّيت أن لم أكن حياً! وبعد ثلاثة أيام صرت إلى المعتصم فقلت له : إنّ نصيحة أمير المؤمنين عليَّ واجبة! قال : وما هو؟ قلت : إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيّته وعلماءهم لأمر واقع من أُمور الدين ، فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عنده من الحكم في ذلك ، وقد حضر المجلس أهل بيته وقوّاده ووزراؤه وكتّابه ، وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه ، ثمّ يترك أقاويلهم كلّهم لقول رجل يقول شطر هذه الأُمة بإمامته ويدّعون أنّه أولى به بمقامه! ثمّ يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء! قال : فتغيّر لونه! وانتبه لما نبّهته له وقال : جزاك الله عن نصيحتك خيراً!
وفي اليوم الرابع أحضر فلاناً من كتّابه ووزرائه وأمره بأن يدعو محمد بن علي إلى منزله فيطعمه فيسمّه! فدعاه الرجل فأبى وقال له : قد علمت أني لا أحضر مجالسكم!
__________________
(١) الجن : ١٨.
(٢) الجن : ١٨.