ثمّ ظهر للرجال وفيهم هارون بن الفضل قال : استرجع أبو الحسن الهادي عليهالسلام وقال : مضى أبو جعفر! فقيل له : وكيف عرفت ذلك؟ قال : تداخلتني ذلة لله لم أكن أعرفها (١).
ومع كل التكتّم علم المعتصم بالمنصوص عليه بالإمامة بعد الجواد عليهالسلام ابنه علي بن محمد الهادي عليهالسلام وأنّه في أوائل عمر التعليم : السابعة ، فأوعز إلى عامله على المدينة عمر بن فرج الرّخجي (الأفغاني) أن يطلب بها رجلاً معلّماً قارئاً أديباً لا يوالي أهل البيت ، فيوكله بتعليم علي بن محمد عليهماالسلام ، ويتقدّم إليه بأن يمنع منه «الرافضة» الذين يقصدونه!
فبعد موسم الحج أحضر عمر الرّخجي (الأفغاني) جماعة من المخالفين والمعاندين لأهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله من أهل المدينة وقال لهم : اطلبوا لي رجلاً من أهل القرآن والعلم والأدب لا يوالي أهل هذا البيت! لأضمّ إليه هذا الغلام (ابن الإمام) وأوكله بتعليمه ، وأتقدم إليه بأن يمنع منه «الرافضة» الذين يقصدونه!
فسمّوا له أبا عبد الله الجُنيدي متقدماً عند أهل المدينة في الفهم والأدب وظاهر «النصب» والعداوة «لأهل البيت» فأحضره عمر بن الفرج وعرّفه : أنّ السلطان (المعتصم) أمره باختيار مثله وتوكيله بهذا الغلام (ابن الإمام) وتقدّم إليه بما أراد وعيَّن له مشاهرة من مال السلطان.
فأصبح الجُنيدي يلازم أبا الحسن عليهالسلام ومكث على ذلك مدة ، وانقطعت «الشيعة» عنه وعن القراءة عليه! والاستماع منه.
قال الراوي محمد بن جعيد : ثمّ لقيت ابن جُنيد يوم جمعة فقلت له : ما حال هذا الغلام الهاشمي الذي تؤدّبه؟! فأنكر علي وقال : أُنشدك الله! هل تعلم بالمدينة
__________________
(١) بصائر الدرجات بطريقين : ٤٦٧ ، وعنه في بحار الأنوار ٥٠ : ١٣٨ و ١٣٩.