فيها وفيهم باطس خال توفيل الملك! ثمّ أخرب وأحرق كل ما اجتاز به من بلادهم حتّى انصرف منها (١).
وقال المسعودي : في سنة (٢٢٣ ه) خرج توفيل ملك الروم في عساكره ومعه ملوك الصقالبة (= زاگرب) والبرغر والبرهان وغيرهم ممن جاورهم من ملوك الأُمم! حتّى نزل على مدينة زبطرة في ثغر الخزر! فافتتحها وقتل الكبار والصغار وسبى ، ثمّ أغار على ملطية ، فضجّ الناس في الأمصار واستغاثوا في المساجد! وبلغ الخبر إلى المعتصم.
فلبس المعتصم دُرّاعة صوف بيضاء وتعمّم بعمامة الغزاة وخرج فعسكر في غربيّ دجلة ، في الثاني من جمادى الأُولى (٢٢٣ ه) ونودي في الأمصار بالنفير والسير مع الخليفة! فسارت إليه العساكر والمطوّعة من المسلمين ، فلم يكن يُحصون عدداً ولا يُضبطون كثرة فالمقلّل يقول : مئتي ألف ، والمكثر يقول : خمسمئة ألف! وجعل على مقدّمته أشناس التركي ، وعلى ميمنته ايتاخ التركي ، وعلى ساقته بُغا التركي الكبير ، وعلى ميسرته جعفر بن دينار الخياط! فدخل الأفشين من درب الحدث ، ودخل المعتصم من درب السلامة وسائرهم من سائر الدروب.
فلقى ملك الروم الأفشين فحاربه فقتل الأفشين أكثر بطارقته وأصحابه ، وولّى توفيل وحماه رجل من متنصّرة الشام يقال له نصر في خلق من أصحابه ، وقصّر الأفشين عن أخذه حين ولّى وقال : هو ملك والملوك تُبقي بعضها على بعض!
وفتح المعتصم حصوناً كثيرة حتّى نزل على مدينة عمورية (٢) لما بلغه أنّ عمورية أشرف عندهم حتّى من القسطنطينية فهي عين النصرانية! وفرّق عسكره
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٧٥ ، ٤٧٦.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٤٧٢ ، ٤٧٣.