وسار المعتصم حتّى نزل على عمورية وخرّب ما مرّ به من قراهم! ووافاهم الأفشين فافتتحها في (١٧) رمضان ، فقتل بها مقتلة عظيمة وسبى سبايا كثيرة ، ثمّ خرّب المدينة وهدمها! ثمّ توجّه إلى أنقرة فخرّبها وهربت الروم في كل وجه ، وبيده أربعة آلاف من أسراهم فقتلهم ، ثمّ لم يزل يقتل الأسرى في مرجعه ويحرق ما يمرّ به حتّى دخل بلاد الإسلام (١).
وقال اليعقوبي العباسي : في عام (٢٢٣ ه) انتهى الخبر إلى المعتصم : أنّ الروم دخلت زبطرة فقتلوا وأسروا كل من فيها! فلمّا اخبر المعتصم بذلك قام نافراً وجلس على الأرض (وليس فيه خبر المرأة) ثمّ ندب الناس للخروج وعسكر في يومه بالعيون في غربيّ دجلة ووضع ديوان العطاء ، وقدم اشناس التركي بمقدمته ، وخرج هو في (٦) جمادى الأُولى حتّى دخل أرض الروم إلى عمورية ، وكانت من أعظم مدائنهم وأكثرها عُدّة ورجالاً ، فحاصرها حصاراً شديداً.
وبلغ طاغية الروم فزحف في خلق عظيم ، فلما دنا منهم وجّه المعتصم بالأفشين في جيش عظيم ، فلقى الطاغية وأوقع به وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة حتّى هزمه!
فأوفد طاغية الروم من قبله وفداً إلى المعتصم يقول : إنّ الذين فعلوا بزبطرة ما فعلوا تعدّوا أمري! وأنا أبنيها بمالي ورجالي وأردّ من أُخذ وما أُخذ من أهلها ، وأُخلّي جملة من في بلد الروم من اسارى المسلمين ، وأبعث إليك بالقوم الذين فعلوا بزبطرة! فلم يقبل المعتصم وردّ وفده وعرضه!
وبقي على عمورية حتّى فتحها في (١٧) رمضان فقتل وسبى جميع من
__________________
(١) تاريخ خليفة : ٣١٦ ، ٣١٧.