وكان صاحب الشافعي في مصر أبو يعقوب يوسف البُويطي لم يُجب إلى القول بخلق القرآن فكان محبوساً ومات فيه في سنة (٢٣١ ه) (١).
ولعلّ من عواقب المضايقات على خلق القرآن أن كثر الحريق ببغداد ، ففرّق الواثق على قوم من التجار أموالاً جمة وبنى لهم ، وقسّم في أهل بغداد قِسماً كثيرة مرة بعد أُخرى على أهل البيوتات ، وعلى عامة الناس.
وكان على ديار ربيعة أبو سعيد محمد بن يوسف ، فخرج عليه محمد بن عمرو الشيباني في ثلاثمائة أو أربعمئة من الخوارج فصاروا إلى سنجار ، فخرج إليه أبو سعيد بجنده فانهزم إلى ناحية الموصل فتبعه أبو سعيد حتّى أسره وحمله إلى الواثق في سامراء وكتب إليه : أنّه لا ينبغي أن يُقتل فإنه لا يخرج خارجي مادام حياً! فحبسه.
وكما فرّق الواثق أموالاً جمة ببغداد ، فرّق مثلها بمكة والمدينة وعلى قريش والهاشميين وغيرهم (٢).
وقال ابن الوردي : لقد بالغ في إكرام العلويين ، وفرّق في الحرمين أموالاً ، حتّى لم يبق فيهما سائل! حتّى أنّه لما مات أخذ نساء أهل المدينة يخرجن إلى البقيع (ولعلّه على قبر جدّه العباس) كل ليلة يندبنه لفرط إحسانه بهم (٣).
ونقل السيوطي عن يحيى بن أكثم القاضي السابق قال : ما أحسن أحد إلى آل أبي طالب بما أحسن إليهم الواثق ، فإنه ما مات وفيهم فقير (٤) ولعلّه لذا قيل له : المأمون الثاني.
__________________
(١) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢١٥.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٨٣.
(٣) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢١٥.
(٤) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٠٢.