فرفُع إلى المتوكل : أن إيتاخ كان يحتال للايقاع به فلمّا لم يمكنه ذلك طلب الحج!
وكان عامل اليمن يومئذ جعفر بن دينار الخياط فكتب المتوكل إليه أن يصير إلى مكة فيأخذ ايتاخ بتعجيل الانصراف! ففعل جعفر ذلك فانصرف ايتاخ إلى الكوفة ، فوجّه المتوكل إليه حاجبه سعيد بن صالح فلقيه بالكوفة ، ثمّ كتب إلى إسحاق الخزاعي ببغداد أن يتلقّاه ، فلمّا قرب ايتاخ من بغداد تلقاه إسحاق فنزعه سيفه ومنطقته وسواده وألبسه قباءً أبيض وعمامة بيضاء! وصار به إلى قصر خُزيمة على رأس الجسر ببغداد فحبسه فيه وقيّده!
وكان مع ايتاخ ابنه منصور فأمره أن يبصق في وجهه فقال : لأمير المؤمنين أن يأمر عبيده بما أحب! وكان له كاتبان سليمان بن وهب وقدامة بن زياد فبكّتوه ووبّخوه بما كان منه ، فأقام عدّة أيام ثمّ مات كمداً! فطُرحت جثته في دجلة!
وكانت لايتاخ ولاية مصر والسند ، وكان عامله على مصر (ولعلّه بعد محمد بن الفرج) هرثمة بن نصر ، وقد رُفع عليه إلى المتوكل مكاتبته ايتاخ وموافقته له ، فصيّر المتوكل عمل مصر إلى إسحاق الخزاعي فقبض على ماله وعزله. فلمّا بلغ ذلك إلى عنبسة بن إسحاق عامل ايتاخ على السند ترك عمله وعاد إلى العراق ، فلم يعرض له المتوكل وولّى مكانه هارون بن أبي خالد.
وكأن المتوكل تمكّن بذلك من الأُمور ولذا ولّى عهده إلى ابنه محمد بن جعفر المنتصر وأمر أن يسلَّم عليه بالإمرة ويُدعى له على المنابر ، وكتب بذلك إلى الآفاق وذلك في ذي القعدة سنة (٢٣٤ ه).
وفيها توفي الحسن بن سهل (١) الخراساني في ضياعه ما بين المدائن وواسط ، منعزلاً عن الدولة.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٨٥ و ٤٨٦.