فاحتال حتّى توصّل إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان الوزير بضمان ثلاثة آلاف دينار عنه (رشوة لإطلاقه) فعرض عبيد الله بن خاقان ديوان السجناء وفيه الهُماني على المتوكل يعرض عليه إطلاقه! وكان المتوكل قد عرفه بنفسه! وكان عبيد الله بن يحيى بن خاقان ناصبيّاً كالمتوكل لا يشك فيه! فقال له : يا عبيد الله! لو شككت فيك لقلت : إنك «رافضي»! هذا وكيل (علي بن محمد بن الرضا) وأنا عازم على قتله! وإنّ عمك قد أخبرني به! فتركه عُبيد الله.
وانتهى خبره إلى الهماني فكأنّه أيس من الحياة ، فكتب من سجنه رقعة إلى أبي الحسن عليهالسلام :
«يا سيدي! الله الله فيّ فقد خفت ـ والله ـ أن أرتاب» في دينه ومذهبه ومعرفته بهم عليهمالسلام. فوقّع الهادي عليهالسلام في رقعته : «أما إذا بلغ بك الأمر ما أرى فسأقصد الله فيك» وكان ذلك في ليلة جمعة ، فكأنه عليهالسلام تلك الليلة ابتهل وتضرّع ودعا له.
وأصبح المتوكل محموماً وازدادت عليه علّته حتّى أصبح يوم الاثنين يصرخ من شدة الحمى ، وكأنّه احتمل أن تكون تلك الحمّى العارضة عارضة عذاب لتعذيبه الأبرياء في سجونه ، فأمر بتخلية كل محبوس عُرض عليه اسمه. إلّا أنّ ابن خاقان مع ذلك التهديد والوعيد العتيد من المتوكل في علي بن جعفر الهُماني لم يجرؤ على العودة إلى ذكره عنده! حتّى ذكره المتوكل نفسه فقال لابن خاقان : لِمَ لِمَ تعرض عليَّ أمره؟! قال : لا أعود إلى ذكره! قال : خلّ سبيله وسله أن يجعلني في حِل! فخلّى ابنُ خاقان سبيل الهُماني ، وبرأ المتوكل من علّته!