فقام رجل من ناحية طريق الأنبار يقال له خالد الدَري وَش (في أوائل شهر رمضان) فدعا جيرانه وأهل بيته وأهل محلته إلى أن يعينوه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فأجابوه إلى ذلك. فشدّ على من يليه من الفسّاق والشُطّار فمنعهم ممّا كانوا يصنعون ، فقاتلوه فقاتلهم وأخذ بعضهم فضربهم وحبسهم وهزم سائرهم.
فقام بعده رجل من عسكر خراسان يقال له : أبو حاتِم سهل بن سلامة الأنصاري من أهل خراسان ، فدعا الناس إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل بكتاب الله وسنة نبيّه ، ثمّ بدأ بجيرانه وأهل محلته فأمرهم ونهاهم فقبلوا منه! ثمّ دعا الناس جميعاً إلى ذلك الشريف والوضيع بني هاشم (العباسيين) ومَن دونهم ، وجعل له ديواناً يثبت فيه اسم من أتاه منهم يبايعه على ذلك وقتال من خالفه وخالف ما دعا إليه كائناً من كان ، فأتاه خلق كثير فبايعوه ، فطاف بغداد وأسواقها وأرباضها وطرقها ، فمنع كل من يخفر ويجبى المارّة والمختلفة. قام في ذلك يوم الخميس لأربع خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومئتين ، في مسجد بناه طاهر بن الحسين في العسكرية الحربية (١).
إلّا أنّ القوّاد وبني هاشم (العباسيين) لما جدّوا فيما كانوا فيه وأرادوا منصور بن المهدي العباسي للخلافة أبى ، فلم يزالوا به حتّى صيّروه خليفة للمأمون بالعراق (بدل الحسن بن سهل) وقالوا : لا نرضى بالمجوسي ابن المجوسي الحسن بن سهل نطرده حتّى يعود إلى خراسان (٢)!
واختلف اليعقوبي فقال : وثب القائد محمّد بن أبي خالد والحربية بزهير بن المسيّب الضبّي (عامل الحسن بن سهل) فأسروه ، وأتوا : محمّد بن صالح بن
__________________
(١) تاريخ الطبري ٧ : ٥٥١ و ٥٥٢.
(٢) تاريخ الطبري ٧ : ٥٤٩.