ثمّ أسند الصدوق عن محمد بن عبد الله الطهَوي عن حكيمة بنت محمد الجواد عليهالسلام وفيه تفصيل القول عن خبر تزويج نرجس بالعسكري عليهالسلام بإذن أبيه بل بأمره. وقالت : حتى مضى أبو الحسن الهادي وجلس أبو محمد مكان والده فكنت أزوره كما كنت أزور والده. فزرته يوماً .. وجلست عنده إلى وقت غروب الشمس فصحتُ بالجارية ، قلتُ لها : ناوليني ثيابي لأنصرف. فقال لي أبو محمد : لا يا عمتاه ، بِيتي الليلة عندنا ، فإنه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عزوجل ، الذي يُحيي الله به الأرض بعد موتها! فقلت : ممّن يا سيدي ولست أرى بنرجس شيئاً من أثر الحبل! فقال : مِن نرجس لا من غيرها. قالت : فوثبت إليها فقلّبتها ظهراً لبطن فلم أرَ بها أثر حبل! فعدت إليه فأخبرته بما فعلتُ ، فتبسّم ثمّ قال لي : إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل ؛ لأنّ مثَلها مثَل أُم موسى عليهالسلام لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها ؛ لأنّ فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى عليهالسلام ، وهذا نظير موسى عليهالسلام.
قالت حكيمة : فعدتُ إليها فأخبرتها بما قال ، وسألتها عن حالها فقالت : يا مولاتي ما أرى بي شيئاً من هذا! قالت حكيمة : فلم أزل أرقبها إلى (قبيل) وقت طلوع الفجر ، وهي نائمة بين يديّ لا تقلّب جنباً إلى جنب.
حتّى إذا كان وقت طلوع الفجر وإذا بها وثبت فزعة ، فضممتها إلى صدري وسمّيت عليها : «اسم الله عليك» وقلت لها : ما حالك؟ قالت : ظهر الأمر الذي أخبركِ به مولاي. وصاح بي أبو محمد قال لي : اقرئي عليها : «إنّا أنزلناه في ليلة القدر» فأقبلتُ اقرأ عليها كما أمرني. وأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما اقرأ وسلّم عليَّ! ففزعت لِما سمعت ، فصاح بي أبو محمد : لا تعجبي من أمر الله عزوجل! إنّ الله تبارك وتعالى يُنطقنا بالحكمة صغاراً ، ويجعلنا حججاً في أرضه كباراً.