فلم يستتم كلامه حتّى غُيّبتْ عني نرجس فلم أرها! كأنّه ضُرب بيني وبينها حجاب!
فغدوت إلى أبي محمد وأنا صارخة! فقال لي : ارجعي يا عمة فإنك ستجديها في مكانها! قالت : فرجعتُ فلم ألبث أن كُشف الغطاء الذي كان بيني وبينها ، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري ، وإذا أنا بالصبي ساجداً لوجهه جاثياً على ركبتيه رافعاً سبّابته يقول ....
فصاح بي أبو محمد قال : يا عمّة تناوليه وهاتيه ، فتناولتُه وأتيت به نحوه ، فلمّا مَثُلت به بين يدي أبيه وهو على يدي ، سلّم على أبيه! فتناوله الحسن عليهالسلام منّي .. ثمّ قال : امض به إلى أُمه لترضعه وردّيه إليّ. فتناولته امه فأرضعته ، ورددته إلى أبي محمد عليهالسلام (١).
ورواهما الطوسي عن غير الصدوق ، بدأ بخبر الطهَوي باسم أبي عبد الله المطهري ، وباختلاف في أطراف الخبر منه في ذكر السنة : (٢٥٥ ه) ومنه في اسمها «سوسن». وثنّى الطوسي بخبر موسى بن محمد بن القاسم باسم موسى بن محمد بن جعفر (سهواً) وثلّت باسناده إلى محمد بن إبراهيم عن حكيمة بمثل معنى الخبر الأول (المطهري) مع ذكر التاريخ كذلك ، وفيه زيادة : فلمّا كان اليوم الثالث اشتد شوقي إليه فأتيته عائدة فبدأت بحجرتها فإذا أنا بها جالسة وعليها أثواب صُفر كالمرأة النُفساء معصبة الرأس ، فسلّمت عليها والتفتّ إلى جانب البيت ، وإذا بمهد عليه أثواب خضر ، فعدلت إليه ورفعت عنه الثوب فإذا أنا بولي الله نائم على قفاه بلا قماط ولا حزام ، وفتح عينيه وجعل يناجيني باصبعه ، فتناولته وأدنيته إلى فمي لأُقبّله فشممت منه رائحة ما شممت قط أطيب منها!
__________________
(١) كمال الدين : ٤٢٤ ـ ٤٢٨.