فقال لهم : كذبتم ، إنكم تقولون على أخي ما لم يفعله ، فهذا «علم الغيب» ولا يعلمه إلّاالله! وقال لهم : احملوا هذا المالي إليّ.
فقالوا : إنا قوم وكلاء مستأجَرون لأرباب المال ولا نسلّم المال إلّا بالعلامات التي كنا نعرفها من سيدنا أبي محمد الحسن ، فإن كنت الإمام فبَرهِن لنا ، وإلّا رددناها إلى أصحابها يرون رأيهم فيها.
فاستعداهم جعفر إلى المعتمِد العباسي وأحضرَهم لديه ، فقال لهم الخليفة :
احملوا هذا المال إلى جعفر! قالوا : أصلح الله أمير المؤمنين! إنّا قوم وكلاء مستأجَرون لأرباب هذه الأموال ، وهي ودائع لجماعات أمرونا أن لا نسلّمها إلّا بدلالة وعلامة ، جرت بها العادة مع أبي محمد الحسن.
فقال الخليفة : وما كانت العلامة التي كانت مع أبي محمد؟
قال القوم : كان يصف لنا الدنانير وأصحابها وكم هي الأموال؟ فإذا فعل ذلك سلّمناها إليه ، وقد وفدنا إليه مراراً فكانت هذه دلالتنا معه وعلامتنا ، وقد مات ، فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر! فليُقِم لنا ما كان يقيمه لنا أخوه ، وإلّا رددناها إلى أصحابها.
فقال جعفر : يا أمير المؤمنين! هذا «علم الغيب» وهؤلاء قوم كذّابون يكذبون على أخي بهذا!
فقال الخليفة : القوم رسل ، (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)! فلم يرد جعفر جواباً.
فقال قائل القوم للخليفة : يتطوّل أمير المؤمنين! باصدار أمره إلى أن يبَدرِقوننا (يشايعوننا) حتى نخرج من هذه البلدة! فأمر لهم بنقيب (من الشرطة) فأخرجوهم من سامرّاء.