آمرك بقتل فارس بن حاتم! وناولني دراهم وقال لي : اشتر بهذه سلاحاً واعرضه عليَّ.
قال جُنيد : فذهبت واشتريت سيفاً فعرضته عليه فقال : ردّ هذا وخذ غيره. قال : فرددته وأخذت مكانه ساطوراً فعرضته عليه فقال : هذا نعم.
قال جُنيد : وكان فارس يصلّي في المسجد فلما صلّى المغرب وخرج جئته فضربت على رأسه بالساطور وثنّيت عليه فسقط ميتاً ، ورميت بالساطور من يدي. ووقعتِ الضجة واجتمع عليه الناس ، وإذ لم يوجد هناك أحد غيري اخذت ، ولكنّهم لم يروا معي سلاحاً ولا سكيناً ، ولم يروا أثراً للساطور! وطلبوا الزقاق والدور فلم يجدوا شيئاً (١) فأفلتوه. وكان ذلك بعد سنة (٢٤٨ ه) (٢).
ثمّ أمر الهادي عليهالسلام بعض وكلائه أن يُجروا على الجُنيد هذا قاتل فارس وآخرين معه وظيفة مالية في أوقات معلومة ، ولمّا توفي في (٢٥٤ ه) كان يرد كتاب العسكري عليهالسلام على وكيله الحسين بن محمد الأشعري القمي البغدادي بالإجراء على الجُنيد كما كان ، حتى توفي في (٢٦٠ ه) فورد عليه من الصاحب عليهالسلام استئناف الإجراء على الآخرين ولم يرد في أمر الجُنيد شيء. بل ورد نعيه (٣). فعُرف أنه توفي في سنة وفاة العسكري عليهالسلام عام (٢٦٠ ه).
فلعلّ هذه المصارف الأولية كانت من أموال الوفدين القميّين : وفدهم في خبر أبي الأديان البصري ، ثمّ وفدهم الذي طالبهم جعفر الكذاب ثمّ رافعهم إلى المعتمِد العباسي فسلِموا منه ، وقد مرّ خبرهما.
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٥٢٤ ، الحديث ١٠٠٦.
(٢) المصدر السابق : ٥٢٧ ، الحديث ١٠٠٩.
(٣) أُصول الكافي ١ : ٥٢٣ ، الحديث ١٩.