نعم يُعلم من الخبر التالي : أنّه حتى بعض الوكلاء لم يكونوا يعرفون السفارة :
كان إبراهيم بن مهزيار الأهوازي من وكلاء العسكري عليهالسلام وتوفي بعده بقليل ، وأوصى بما لديه إلى ابنه محمد ، قال : فقدمت العسكر (سامرّاء) وقصدت الناحية ، فلقيتني امرأة سألتني : أنت محمد بن إبراهيم؟ قال : قلت : نعم ، قالت : انصرف هذا الوقت فإنك لا تصل فيه وارجع الليلة فإنّ الباب مفتوح ، فادخل الدار واقصد البيت الذي فيه السراج. قال : فانصرفت ورجعت ليلاً وقصدت الباب فإذا هو مفتوح ، فدخلت الدار فإذا بيت فيه سراج فقصدت البيت الذي وصفَته لي ، فإذا فيه القبران للعسكريَّين وفيه سراج على قبر العسكري عليهالسلام ، فقعدت بين القبرين أبكي وانتحب إذ سمعت صوتاً يقول لي : يا محمد! اتّقِ الله وتُب من كل ما أنت عليه ، فقد قُلّدت أمراً عظيماً (١)! فلمّا عاد إلى الأهواز حدّث بهذا إلى إبراهيم ومحمد ابني الفرج ، فهو بهذا كأنه ادّعى تقليده الوكالة كأبيه ، بلا ذكر للسفارة ولا كيفية تحويله الأموال معه.
وكان نصر بن الصبّاح البلخي في مرو إنما كان يعلم بوكالة حاجز الوشّاء للعسكري عليهالسلام بسامرّاء ثمّ ببغداد ، وكان كاتب خوزستاني في مرو اجتمع عنده مبلغ ألف دينار للناحية ، فاستشار نصر البلخي قال : فقلت له : ابعث بها إلى الحاجز ، فقال : إن سألني الله عنه يوم القيامة فهو في عنقك؟ قلت : نعم.
قال نصر : ثمّ لقيته بعد سنتين فسألته عن المال ؛ فذكر أنه بعث منه إلى الحاجز بمئتي دينار! فكتب إليه : كان المال ألف دينار فبعثت بمئتي دينار ، فإن أحببت أن تعامل (!) أحداً فعامل الأسدي بالريّ (محمد بن جعفر).
__________________
(١) كمال الدين : ٤٨٧ ، الحديث ٨.