معاشر الناس! فانتهوا عمّا يُسخط الله عليكم ، وارجعوا إلى ما يُرضى الله عنكم ، وارضوا من الله بما اختار لكم ، والزموا ما أمركم به وجانبوا ما نهاكم عنه ، واتبعوا الصراط المستقيم والمحجّة البيّنة والسبل الواضحة ، و «أهل بيت الرحمة»! الذين هداكم الله بهم بدءاً ، واستنقذكم بهم من الجور والعدوان أخيراً. وصيّركم إلى الأمن والخفض والعزّ بدولتهم! وشملكم الصلاح في أديانكم ومعايشكم في أيامهم!
وفارِقوا من لا تنالون القربة إلى الله إلّابمفارقته ، والعنوا من لعنه الله ورسوله (فقولوا) : اللهم العن أبا سفيان بن حرب ومعاوية ابنه ويزيد بن معاوية ، ومروان بن الحكم وولده. اللهم العن أئمة الكفر وقادة الضلالة وأعداء الدين ومجاهدي الرسول! ومغيّري الأحكام ومبدّلي الكتاب وسفّاكي الدم الحرام. اللهم إنّا نبرأ إليك من موالاة أعدائك ، ومن الإغماض لأهل معصيتك كما قلت : (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ (١)).
يا أيها الناس! تأمّلوا سبل الضلالة تعرفوا سابلها ، واعرفوا الحق تعرفوا أهله ، فإنه إنّما يبيّن عن الناس أعمالهم ، ويلحقهم بالصلاح أو الضلال آباؤهم ، فلا تأخذكم في الله لومة لائم ، ولا يميلنّ بكم عن دين الله استهواء من يستهويكم وكيد من يكيدكم وطاعة من تخرجه طاعته إلى معصيتكم لربكم!
وأمير المؤمنين على الله توكله وهو حسبه فيكم ، وبالله استعانته فيما قلّده من أُموركم! ولا حول ولا قوة إلّابالله ، والسلام عليكم.
فلمّا رأى وزيره عبيد الله بن سليمان بن وهب عزم المعتضد على إعلان هذا الكتاب وأنه لا يقدر على صرفه عن ذلك ، أحضر القاضي يوسف بن يعقوب ابن
__________________
(١) المجادلة : ٢٢.