ثمّ استعاده للوزارة ثمّ عزله وقبض عليه وولّاه علي بن مُقلة (١).
وكان القرمطي قد كثر فساده وأخذه للبلاد وفتكه بالعباد ، واشتدّ به الخطب وتمكّنت هيبته في النفوس وكثر أتباعه ، حتى أخذ يبثّ السرايا ، وتزلزل له الخليفة! ونزح أهل مكة عنها ، وانقطع الحج في هذه السنين خوفاً من القرامطة .. وخالطت الروم ثغور الشام حتى دخلت ناحية خلاط ودخلوا بصليبهم إلى جامعها وأخرجوا منبره ونصبوا صليبهم بمكانه! وقبلها وصلوا بسُفنهم إلى دمياط مصر ونصبوا ناقوسهم على جامعها وأخذوا ما فيها ومن فيها وعادوا بهم (٢).
وكان آشكار بن شيرويه قد استولى بعسكره سنة (٣١٥ ه) على جرجان ، وكان معه من قوّاده مرداويج بن زياد الديلمي فبايع العسكر له سرّاً فخرج بهم على آشكار حتى قتله ، ثمّ ملك قزوين ثمّ الري ثمّ همدان ثمّ كيلور ودينور ، ثمّ قم وكاشان ثمّ جرفادقان وإصفهان ثمّ استولى على طبرستان كلها : وعُمل له سرير ذهب يجلس عليه (٣).
قال المسعودي : في ذي القعدة من سنة (٣١٥ ه) انحدرتُ من الشام إلى بغداد ، فكنت في طريقي في بلدة هيت ، إذ نزل عليها القرمطيّ وحاصرها ، وكان أصحابه في جانب الأنبار فعبر بهم على أطواف أسفل هيت في فم بقّة فاجتمعوا إليه ، وعبر إليها من الماء من الأولياء هارون بن غريب وسعيد بن حمدان ويونس مولى الأصمعي ، وبدأ القرمطي القتال في أوائل ذي الحجة حول سورها بالدبّابات فاحترقت له عدّة منها ، فعاد إلى معسكره ، ولم تكن له سفن ليقاتل في الماء.
__________________
(١) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٥٠.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٤٤.
(٣) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٥١.