لينفذ لقتال القرمطي ، وأتاه الخبر بمسيره إلى الكوفة ، فخرج ابن أبي الساج مبادراً إلى الكوفة فسبقه أبو طاهر القرمطي حتى نزل الخورنق ، وفي غده نزل ابن أبي الساج بين النهرين ممّا يلي قرية حَروراء ، وأبو طاهر القرمطي بينه وبين الكوفة. ثمّ كانت الوقعة بينهما في (٩ شوال) سنة (٣١٥ ه) وتفرّق كثير من أنصار ابن أبي الساج عنه في طريقه وتأخّر كثير منهم عنه ، وكان في أكثر من ثلاثين ألف فارس وراجل ، والقرمطي في نحو من ألفين أكثرهم رجالة ؛ ومع ذلك اسر ابن أبي الساج واصطلم عسكره وأتى عليهم القرمطي والخوارج معه (١)!
وقال ابن الوردي : كانت القرامطة في ثمانمئة راجل وسبعمئة فارس فاحتقرهم ابن أبي الساج وقال لكُتّابه : صدّروا الكتب إلى الخليفة (المقتدر) بالنصر ، فهؤلاء في يدي! فلمّا اقتتلوا انهزم عسكره واسر هو وقتله أبو طاهر القرمطي واستولى على الكوفة ونهبها.
ثمّ جهّز المقتدر مؤنس الخادم في عساكر إلى القرامطة ، فانهزموا كذلك قبل اللقاء ، ثمّ التقوا فانهزموا أيضاً ، ونهبوا مدن الفرات فغنموا وعادوا إلى الأحساء!
وفي هذه الأحوال كان الوزير علي بن عيسى الجرّاح ، وكان لإدارة أُمور القصور قهرمانتان فاطمة وام موسى ، فقالتا للوزير : وقِّع بعشرة آلاف درهم للمجيبة ثياب أمير المؤمنين! ثمّ جاءتا فقالتا : وقِّع بعشرة آلاف درهم للمُعمِّمة! ثمّ قالتا : وقِّع بعشرة آلاف درهم للمزرِّرة! فقال لهما : أفأمير المؤمنين مقطوع اليد لا يقدر أن يتزرّر؟! ثمّ قالتا : وقِّع بعشرة آلاف للمبخِّرة! فقال : لو أخرج أمير المؤمنين يده من ثيابه وأخذ المجمَرة لوفَّر على بيت المال عشرة آلاف درهم! فبلغ ذلك إلى المقتدر فنفاه إلى مكة!
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٣٣١.