وبعد عشرة أشهر تقريباً في أواخر محرم الحرام سنة (٣١٢ ه) خرج أيضاً في خمسمئة فارس وستمئة راجل رحل بهم إلى ناحية الهبير ممّا يلي الثعلبية من منازل الحجاج في منصرفهم إلى العراق ، فاعترض وقطع عليهم طريقهم ، وفيهم من القوّاد والأولياء أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي وأحمد بن بدر وأحمد بن كشمرد وغيرهم من الوجوه ، فنهبوا منهم من صنوف الأموال ما لا يوقف على تحديد مبلغها (١) وتركوهم حتى هلك أكثرهم جوعاً وعطشاً!
فسخط المقتدر على وزيره ابن الفرات وكان له سبعون سنة وكان يلي أعماله ابنه الحسن فقتلهما ، واستوزر بعده القاسم حفيد الفتح بن خاقان التركي (٢) فجرّد هذا جمعاً من أولياء الحضرة وقوّادها للقاء القرمطي إلى الكوفة ، وهم : جعفر بن ورقاء الشيباني وجَني الصفواني مولى ابن صفوان العقيلي ، وثمل الدلفي وطريف السبكري وإسحاق السبكري وغيرهم من رؤساء الجيوش. ففي أواخر ذي القعدة من السنة (٣١٢ ه) اعترضهم القرمطي فواقفهم في الكوفة ، فأسر منهم القائد جَني الصفواني وقتل من قتل منهم وهزمهم.
ثمّ كان إلى ستة أيام يدخل الكوفة فينهبها نهاراً ويتركها ليلاً إلى معسكره ثمّ يعود غداً وهكذا ثمّ حمل ما أمكنه من الأموال والثياب (٣) وسلم البلد إلى إسماعيل بن يوسف الحسني وسار بالثقل والذرّية المسبيّة إلى الأحساء.
وكان القائد يوسف بن أبي الساج يلي أعمال بلاد أذربيجان وأرمينية وأران والبلقان وغيرها فأشخصه السلطان (المقتدر) إلى واسط يقيم بها يستمد ويستعد
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٣٣٠.
(٢) التنبيه والإشراف : ٣٣١.
(٣) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٤٩ ، ٢٥٠.