وكان له عليه السلام من أبيه وأُمه اُخت تدعى فاطمة ، فاشتاقت إليه. ولعلّها صادفت قافلة من قوافل الحجاج من بلاد الجبال في إيران ، فخرجت معهم ومع خادم لها حتى وصلت إلى بلدة ساوة فمرضت. وكانت تعرف «تشيّع» القميين لهم ، فسألت : كم بينها وبين قم؟ فقالوا : عشرة فراسخ (٥٥ كم تقريباً) فقالت : احملوني إليها.
ووصل خبرها إلى القميين ، وهم بالامس قد احتفلوا في مسجدهم الجامع بالقصيدة الجامعة لشاعر أخيها الرضا عليه السلام وودّعوه متبرّكين ببطانة جبّة الامام عليه السلام ، فعزموا على التبرّك بنزول اُخته فيهم ، فاستقبلها أشراف قم يتقدّمهم شيخهم يومئذ : الشيخ موسى بن خزرج بن سعد الاشعري ، فلما وصل إليها أخذ بزمام ناقتها وجرّها إلى منزله.
فكانت في داره سبعة عشر يوماً مريضة حتى توفيت ، فأمر موسى النساء بتغسيلها وتكفينها ، ثمّ حملوها إلى «مقبرة بابلان» من أراضي موسى الاشعري معهم آل سعد الاشعري ، وحفروا لها سرداباً ، واختلفوا في من ينزّلها ، ثمّ اتفقوا على خادم لهم صالح كبير السنّ يدعى قادر. وإذا براكبين مقبلين متلثمين وصلا وتقرّبا إلى الجنازة فصلّيا عليها. ثمّ نزلا السرداب وأنزلا الجنازة ودفناها ، ثمّ خرجا وركبا وذهبا ولم يكلّما أحداً. وسقّف موسى على قبرها بالبواري.
وعندئذ تذكر القميون ما رووه عن الصادق عليه السلام قال : «قُم ، تُقبض فيها امرأة من ولدي اسمها فاطمة بنت موسى ، وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنة» و: قم «ستُدفن فيها امرأة من أولادي تسمّى فاطمة ، فمن زارها وجبت (ثبتت) له الجنة و «إنّ زيارتها تعادل الجنّة» (١).
__________________
(١) الترجمة الفارسية لكتاب تاري قم للمحسن بن محمد القمي (ق ٧ هـ) صفحة : ٢١٣ و ٢١٤ وعنه في بحارالانوار ٤٨ : ٢٩٠ ، الحديث ٩ و ٦٠ : ٢١٩.