لبني العباس قائمة ، فالنعمة لا تزال عليهم متعلقة بحياته! فإذا فقدتم شخصي فاطلبوا لأنفسكم معقلاً! وهيهات! ما لكم إلّاالسيف! يأتيكم الحسني (الحسيني) الثائر البائر فيحصدكم حصداً! أو السفياني المُرغِم! والقائم المهدي لا يحقن دماءكم إلّابحقها!
وأما ما أردت من البيعة لعلي بن موسى ؛ فبعد استحقاق منه لها في نفسه واختيار منّي له ، فما كان ذلك مني إلّالأن أكون الحاقن لدمائكم والذائد عنكم ، باستدامة المودّة بيننا وبينهم ، وهي الطريق التي أسلكها في إكرام آل أبي طالب ، ومواساتهم في الفيء بيسير ما يصيبهم منه!
وإن زعمتم أن أردت أن يؤول إليهم عاقبة ومنفعة ؛ فإني في التدبير والنظر لكم وأبنائكم ولعقبكم من بعدكم ، وأنتم ساهون لاهون تائهون ، وفي غمرة تعمهون ، لا تعلمون ما يراد بكم ، وما أظللتم عليه من النقمة وابتزاز النعمة.
همّة أحدكم أن يُمسى مركوباً! ويصبح مخموراً! تباهون بالمعاصي وتبتهجون بها ، وألهتكم البرابط! مخنّثون مؤنثون! لا يفكر مفكر منكم في إصلاح معيشة ولا استدامة نعمة ولا اصطناع مكرمة ، ولا كسب حسنة يمدّ بها عنقه (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (١)) أضعتم الصلوات واتّبعتم الشهوات ، وأعرضتم عن الغنيمات وأكببتم على اللذات (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (٢)).
وأيم الله لربّما أُفكّر في أمركم فلا أجد أُمة من الأُمم استحقوا العذاب حتّى نزل بهم ، لخُلّة من الخِلال ، إلّاأني أُصيب تلك الخُلّة بعينها فيكم! مع خِلال كثيرة لا أظن أن إبليس اهتدى إليها ولا أمر بالعمل بها! وقد أخبر الله عن قوم صالح أنّه
__________________
(١) الشعراء : ٨٨ ـ ٨٩.
(٢) مريم : ٥٩.