والآية الثامنة : فقول الله عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى (١)) فقرن سهم ذوي القربى بسهمه وسهم رسول الله صلىاللهعليهوآله. فهذا أيضاً فصل بين «الآل» و «الأُمة» لأنّ الله جعل «الآل» في حيّز وجعل الناس في حيّز دون ذلك ، ورضي «للآل» ما رضي لنفسه ، واصطفاهم فبدأ بنفسه ثمّ ثنّى برسوله ثمّ بذي القربى في كل ما كان من الفيء والغنيمة وغير ذلك مما رضيه لنفسه ، فهذا تأكيد مؤكّد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق.
و (لكن) لما جاءت قصة الصدقة نزّه نفسه ورسوله وأهل بيته عنها فقال : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللهِ (٢)) فهل تجدون في شيء من ذلك أنّه سمى لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى؟! ذلك لأنه لما نزّه نفسه عن الصدقة نزّه رسوله ونزّه أهل بيته ، لا بل حرّمها عليهم ، فالصدقة محرمة على محمّد وآل محمّد ، فهي أوساخ أيدي الناس لا تحلّ لهم ، فهم طُهّروا من كل دنس ووسخ ، فلمّا طهَّرهم الله واصطفاهم ؛ رضى لهم ما رضى لنفسه وكره لهم ما كره لنفسه عزوجل.
والآية التاسعة : قال الله عزوجل : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٣)) فالذكر رسول الله صلىاللهعليهوآله ونحن أهله ، وذلك بيّن في كتاب الله عزوجل حيث يقول : (فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً* رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللهِ مُبَيِّنَاتٍ (٤)) فالذكر رسول الله ونحن أهله.
__________________
(١) الأنفال : ٤١.
(٢) التوبة : ٦٠.
(٣) النحل : ٤٣.
(٤) الطلاق : ١٠ ـ ١١.