قال النوفَلي : فتبسّم الإمام وقال لي : يا نوفَلي ؛ أفتخاف أن يقطعوا عليَّ حجتي؟!
فقلت : لا والله ما خفت عليك قط ، وإني لأرجو أن يُظفرك الله بهم إن شاء الله تعالى.
فقال لي : يا نوفَلي ؛ أتحب أن تعلم متى يندم المأمون؟! قلت : نعم. قال : إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم! وعلى أهل الانجيل بانجيلهم! وعلى أهل الزبور بزبورهم! وعلى الصابئين بعبرانيتهم (كذا) وعلى الهرابذة بفارسيتهم ؛ وعلى أهل الروم بروميتهم! وعلى أصحاب المقالات بلغاتهم! فإذا قطعت كل صنف ودحضت حجته ، وترك مقالته ورجع إلى قولي ، علم المأمون أن الموضع الذي بسبيله ليس بمستحِق له! فعند ذلك تكون الندامة ، ولا حول ولا قوة إلّابالله العلي العظيم.
قال : وكان المأمون قد أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات : مثل الجاثليق (رئيس أساقفة النصارى) ونسطاس الرومي ورأس الجالوت (اليهودي) والهربد الأكبر من أصحاب زرادشت ، ورؤساء الصابئة (عمران الصابئي) والمتكلمين ، ليسمع كلامهم مع الرضا عليهالسلام. فجمعهم الفضل بن سهل وأعلمه بهم.
ويظهر من الخبر أن النوفَلي الهاشمي بات تلك الليلة عند الرضا عليهالسلام ، قال : فلمّا أصبحنا أتانا الفضل بن سهل وقال للرضا : جعلت فداك! قد اجتمع القوم عند ابن عمك فما رأيك في إتيانه؟
فقال له الرضا عليهالسلام : تَقدّمْني ، وأنا صائر إلى ناحيتكم إن شاء الله. ثمّ توضأ وضوء الصلاة ، ثمّ شرب شربة سويق وسقانا منه ، ثمّ خرج وخرجنا معه حتّى دخلنا على المأمون ، وإذا المجلس غاصَ بأهله ، ومحمّد بن جعفر العلوي