ومع وجود أصل الكتاب المعروف بمقاتل الطالبيين بخطّ أبي الفرج الإصفهاني لدى المفيد (١) ما أفاد شيئاً عن علّة وصول زيد عند هشام إلّاأ نّه قال : جمع له هشام أهل الشام وأمرهم أن يتضايقوا في المجلس حتّى لا يتمكّن زيد من الوصول إليه ، ودخل زيد عليه فقال له : إنّه ليس من عباد الله أحد فوق أن يوصى بتقوى الله ، ولا من عباده أحد دون أن يوصى بتقوى الله ، وأنا أُوصيك بتقوى الله فاتّقه يا أمير المؤمنين (٢).
فقال له هشام : أنت المؤمّل نفسك للخلافة الراجي لها (٣) فما أنت وذاك ـ لا أُمّ لك ـ وإنّما أنت ابن أمة!
فقال له زيد : إنّي لا أعلم أحداً أعظم منزلة عند الله من نبيّ بعثه الله وهو ابن أمة ، فلو كان ذلك يُقصّر عن منتهى غاية ، لم يُبعث ، وهو إسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام ، فالنبوة أعظم منزلة عند الله أم الخلافة يا هشام! (كذا بلا لقب) وبعدُ فما يقصر برجل أبوه رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو ابن علي بن أبي طالب؟!
فوثب هشام من مجلسه ودعا بقهرمانه لإخراجه ، فخرج زيد وهو يقول : إنّه لم يكره قوم قط حرّ السيوف إلّاذلّوا (٤).
ورووا عن زيد قال : شاهدت هشاماً ورجل عنده يسبّ رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ١٩٠.
(٢) ولا محمل له إلّاالتقية ، فكيف ينكرها الزيدية؟!
(٣) ممّا يدلّ على سبق ذلك قبل سفرته هذه بعد وفاة أخيه الباقر عليهالسلام ، وعليه فالقضية سياسية ولست مالية ، وإنّما هي شكلية صورية لتشويه الصورة.
(٤) الإرشاد ٢ : ١٧٢ ـ ١٧٣ ، وقبله مثله في مروج الذهب ٣ : ٢٠٦. ولعلّه من الكلام الكثير المذكور في قول اليعقوبي السابق.