فلمّا وصل كتاب يوسف إلى هشام أحضرهم فذكر لهم ما كتب به يوسف إليه فأنكروا ، فقال لهم هشام : فإنّا باعثون بكم إلى يوسف يجمع بينكم وبين خالد (١)!
وقال اليعقوبي : إنّ هشاماً أقدم زيداً فقال له : إنّ يوسف بن عمر الثقفي في الكوفة كتب إليّ يذكر أنّ خالد بن عبد الله القَسري ذكر له أنّ له عندك وديعة ستمئة ألف درهم! فقال زيد : ما لخالد عندي شيء! قال : فلابدّ من أن تشخص إلى يوسف بن عمر حتّى يجمع بينك وبين خالد! قال : لا تُوجّه بي إلى عبد ثقيف! يتلاعب بي! فقال : لابدّ من إشخاصك إليه! فكلّمه زيد بكلام كثير ، فقال له هشام : لقد بلغني أنّك تؤهّل نفسك للخلافة وأنت ابن أمة!
فقال له زيد : ويلك! أمكان امّي يضعني؟! والله لقد كان إسحاق ابن حرّة وإسماعيل ابن أمة ، فاختصّ الله «عزوجل» ولد إسماعيل فجعل منهم العرب ، فما زال ذلك يُنمى حتّى كان منهم رسول الله صلىاللهعليهوآله. ثمّ قال له : اتّقِ الله يا هشام! (كذا بلا لقب) فقال : أوَ مثلك يأمرني بتقوى الله؟! فقال : نعم! إنّه ليس أحد دون أن يأمر بها ، ولا أحد فوق أن يسمعها! فأمر هشام بإخراجه فأخرجوه وهو يقول : والله إنّي لأعلم أنّه ما أحبّ الحياة أحد قطّ إلّا ذلّ (٢).
__________________
فدعا (محمّد بن) إبراهيم زيداً وداوود فسألهما عمّا ذكر خالد ، فحلفا ما أودعهما خالد شيئاً ، فصدّقهما وقال : لكن كتاب أمير المؤمنين قد جاء بما تريان فلابد من إنفاذه ، فحملهما إلى الشام (الطبري ٧ : ١٦٢).
(١) مقاتل الطالبيين : ٩٠.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٥.