وطلبوا زيداً من جملة مظانّه في دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري مساء الثلاثاء ليلة الأربعاء وكانت ليلة شديدة البرد ، وكان زيد هناك فخرج منها ليلاً ، وأخرجوا معهم أطنان القصب فكانوا يُشعلونها وينادون بشعارهم شعار رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر : «يا منصور أمت ، أمت يا منصور».
فأمر الحكم بن الصلت فغلّقت أبواب المسجد على أهل الكوفة ، وغلقت الأبواب الكبار لدروب السوق. وكان يومئذ على أربعة أرباع الكوفة : على رُبع أهل المدينة إبراهيم بن عبد الله بن جرير بن عبد الله البجلي! وعلى ربيعة وكندة المنذر بن محمّد بن الأشعث بن قيس الكندي ، وعلى أسد ومذحج عمرو بن أبي بذل العبدي ، وعلى تميم وهمدان محمّد بن مالك الخَيواني الهمداني.
وبعث الحكم بن الصلت إلى يوسف بن عمر فأخبره الخبر ، وكان معه جيش الشام (وهم ستمئة) فأمر يوسف مناديه أن ينادي فيهم : من يذهب إلى الكوفة فيقترب من هؤلاء القوم فيأتيني بخبرهم؟ فانتدب له جعفر بن العباس الكندي الشامي فركب في خمسين فارساً منهم ، وأقبل إلى جَبّانة (محلّة) سالم السلولي وفيها زيد وأصحابه من الكوفة فاستخبر خبرهم ، ثمّ رجع إلى يوسف فأخبره بهم.
وكان من كبار أصحاب زيد نصر بن خزيمة العبسي (من رهط عمّار بن ياسر) وسمع نداء زيد وأصحابه فأقبل إليهم بأصحابه ، وكان عمر بن عبد الرحمن صاحب شرطة الكوفة مع خيله من جُهينة قد سدّ الطريق إلى مسجد بني عدي ، فلمّا رآه نصر العبسي ناداه بشعارهم فلم يجيبوا فشدّ عليهم بأصحابه ، فقتل نصر عبد الرحمن رئيس الشرطة وانهزم من معه ، وأقبل نصر ومن معه إلى زيد وأصحابه. فما زالو كذلك حتّى طلع الفجر.