فقال : إنّ عمّي محمّد بن علي وابنه جعفراً دعوا الناس إلى الحياة ونحن دعوناهم إلى الموت!
ثمّ قال لي : أكتبت من ابن عمّي شيئاً؟ قلت : نعم. قال : أرنيه. فأخرجت له الدعاء فقال لي : أتأذنُ لي في نسخه؟ ثمّ رمى بصحيفتي إلى غلام معه وقال له : اكتب هذا الدعاء بخطّ حسن بيّن لعلّي احفظه ، فإنّي كنت أطلبه من جعفر «حفظه الله» فيمنعنيه!
ثمّ استخرج صحيفة مختومة وقبّل الخاتم وبكى ثمّ فضّه ونشر الصحيفة ووضعها على عينه وأمرّها على وجهه وقال لي : يا متوكل ، والله لولا ما ذكرت من قول ابن عمي أنني اقتل واصلب لما دفعتها إليك ولكنّي أعلم أنّ قوله حقّ أخذه عن آبائه وأ نّه سيصح ، فخفت أن يقع هذا العلم إلى بني أُمية ، فاقبضها وتربّص بها ، فإذا قضى الله من أمري وأمر هؤلاء القوم ما هو قاضٍ فهي أمانة لي عندك توصلها إلى ابني عمّي محمّد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن ، فإنّهما القائمان في هذا الأمر بعدي!
فلمّا قُتل يحيى (١) صرت إلى المدينة والتقيت بأبي عبد الله عليهالسلام وناولته الصحيفة فأخرج لي مثلها وقال لي : هذا إملاء جدّي وخط أبي بمشهد منّي ، فإذا هما أمر واحد ، ثمّ استأذنته عليهالسلام أن أدفع الصحيفة إلى ابني عبد الله بن الحسن ، فقال : نعم فادفعها إليهما. ثمّ وجّه إليهما فجاءا فقال لهما : هذا ميراث ابن عمّكما يحيى من أبيه قد خصّكما به دون إخوته. ثمّ قال لهما : وأنتما فلا تأمنا! فو الله إنّي لأعلم أنّكما ستخرجان كما خرج وستقتلان كما قُتل! فقاما وهما يُحوقلان : لا حول ولا قوة إلّابالله العلي العظيم (٢).
__________________
(١) سيأتي في حوادث سنة (١٢٥ ه) أي بعد مقتل أبيه بثلاث سنين.
(٢) الصحيفة السجادية : ٩ ـ ١٩ ، ط. المجمع العالمي لأهل البيت عليهمالسلام.