وكان زيد قبل شهادته قد حوّل صحيفته إلى ابنه يحيى وأوصاه بصونها ومنعها عن غير أهلها (١).
وكان متوكّل بن هارون الثقفي البلخي قد تشرّف للحج سنة شهادة زيد وتردّد على الصادق عليهالسلام ورأى حزنه على عمّه زيد ، وسمعه يقول عن يحيى أنّه سيقتل ويصلب كما قتل أبوه وصُلب! وكتب عنه وجوهاً من العلم ، وأخرج له دعاءً أملاه عليه وحدّثه أنّ أباه الباقر عليهالسلام أملاه عليه وأخبره أنّه من دعاء أبيه السجّاد عليهالسلام من أدعية «الصحيفة الكاملة» وتوجّه إلى خراسان فالتقى في طريقه بيحيى فسلّم عليه ، فسأله : من أين أقبلتَ؟ قال : من الحج ، فسأله عن أهله وبني عمّه بالمدينة ، وأحفى السؤال عن الصادق عليهالسلام ، فأخبره بخبره وخبرهم وحزنهم على أبيه زيد عليهالسلام.
فقال : فهل سمعته يذكر شيئاً من أمري؟ قال : نعم ، قال : خبِّرني بمَ ذكرني؟ فقال له : جعلت فداك ، ما أحبّ أن استقبلك بما سمعته منه! فقال : أبالموت تخوّفني؟! هات ما سمعته. فقال له : سمعته يقول : إنّك تقتل وتصلب كما قتل أبوك وصُلب! فتغيّر وجهه ثمّ تلا قوله سبحانه : «يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» (٢).
ثمّ قال : يا متوكّل! إنّ الله عزوجل أيّد هذا الأمر بنا وجعل لنا العلم والسيف فجُمعا لنا ، وخُصّ بنو عمّنا بالعلم وحده!
فقلت له : يابن رسول الله ، أهم أعلم أم أنتم؟ فأطرق إلى الأرض مليّاً ثمّ رفع رأسه وقال : كلّنا له علم! غير أنّهم يعلمون كلّما نعلم ولا نعلم كلّما يعلمون!
فقلت له : جعلت فداك إنّي رأيت الناس أميل إلى ابن عمّك جعفر منهم إلى أبيك وإليك؟!
__________________
(١) مقدمة الصحيفة السجادية : ١٦ ، ط. المجمع العالمي لأهل البيت عليهمالسلام.
(٢) الرعد : ٣٩.