وصاحب هذه الدعوة الذي يؤتيه الله الملك ويكون على يده هلاك بني أُمية. وصاحبكم هذا عبد الرحمن (أبو مسلم) فاسمعوا له وأطيعوا فإنه القائم بهذه الدولة.
وفي آخر هذه السنة (١٢٥ ه) توفّى محمد بن علي العباسي ، فعاد أبو مسلم ومعه قحطبة بن شبيب إلى إبراهيم بن محمد بن علي العباسي في الحُميمة ، فجدّد تأمير أبي مسلم عليهم ، وقال لقحطبة : وأنت والله الذي ستلقى عامر بن ضبارة المُري ونباتة بن حنظلة الكلابي ـ من عمّال بني أُمية ـ فتقاتل عساكرهما فتهزمهما ويفتح الله لك حتى تصير إلى الفرات (في العراق) لا تُردّ لك راية! فعادوا إلى خراسان في أوائل سنة (١٢٦ ه).
وكان نصر بن سيّار الليثي قد قدّم المضرية على ربيعة واليمن والأزد ورئيسهم يومئذ جديع بن علي الأزدي الكرماني ، فوثب هذا بهم على نصر بن سيّار وقال له : لا ندعك وفعلك. فأخذه نصر فحبسه ، فأتت ربيعة والأزد حتّى أخرجوه من مجرى كنيف! واجتمعوا عليه على نصر فحاربه بهم وانتصر عليه فمال إليه أبو مسلم وجعل يمايل أصحابه ويدعوهم إلى «آل محمد» ويقول لجُديع : ادع إلى «آل محمد» ولم يزل بهم حتّى أظهروا دعوة «بني هاشم / بني العباس» بخراسان (١).
ثمّ خرج أبو مسلم في جماعة أصحابه إلى قرية ارعونه (كذا) من أرض الجوزجان ، ويحيى بن زيد لا يزال مصلوباً بها ، فأنزل جثّته فصلّى عليها في جماعة أصحابه ودفنه هناك ، وقبره مشهور مزور. وأظهر أهل خراسان النياحة عليه سبعة أيام! ثمّ لم يولد في تلك السنة بخراسان مولود إلّاوسمّي بزيد أو يحيى ، لما داخل أهل خراسان من الحزن والجزع عليه (٢) فسوادهم لهما من يومئذ (٣).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٣٢ ، ٣٣٣.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٢١٣.
(٣) المحبّر لابن حبيب : ٤٨٤ ، ط. الهند.