فالتقوا فاقتتلوا حتّى غابت الشمس وقتل الضحاك في المعركة ولا يعلم به وحجز بينهم الليل ورجع الفريقان إلى معسكرهم ، وقتل منهم نحو ستة آلاف أكثرهم من الخوارج وقتل منهم ثمانمئة امرأة!
وأصبح مروان فنصب راية أمان ودعا إليها ، وخرج الخيبري من قواد الخوارج ونادى فيهم : من أراد الموت والجنّة فلينتدب معي ، فانتدب إليه ثلاثمئة وخمسون فارساً فحملوا على مروان في القلب ، وشدّ رجل منهم على مروان فضربه على عاتقه وضرب مروان على يده فولّى هارباً!
وهاجت يومئذ ضبابة شديدة حتّى ما كان المرء يرى سوطه أو عرف فرسه! ومضى فلّ مروان في كل وجه. وكان ابنه عبد الله قد التحق به من حصن نصيبين فجعله على ميمنته فثبت فيها ، وإسحاق بن مسلم على ميسرته وهما لا يعلمان حال مروان. وكان في حرس مروان رجل بربري يقال له : سليمان بن مسروح فقام ونادى في العبيد : من اتبعني فهو حر! فاجتمع إليه ثلاثة أو أربعة آلاف رجل من العبيد وغيرهم ، فقتل الخيبري الخارجي ، وانجلت الضبابة عن مجنبتي مروان. وعلموا بقتل الضحاك فخرج مولى لمروان إليه حتّى أخبره خبره فرجع مروان إلى عسكره.
واجتمع فلّ الضحاك والخيبري على شيبان اليشكري الهمْداني فارتحل وتابعوه راجعاً حتّى نزل زامين من أرض الموصل وخندقوا على أنفسهم ، فتابعه مروان فقاتلهم عشرة أشهر ثمّ خرج شيبان إلى شهرزور ثمّ إلى ماه ثمّ على الصيمرة ثمّ كرمان ثمّ جزيرة لانت في بحر فارس بين عمان والبحرين ثمّ خرج إلى عمان فقاتلوه فقتل بها (١) سنة (١٢٩ ه).
__________________
(١) تاريخ خليفة : ٢٤٩ ، ٢٥٠ و ٢٥٢. وبحر فارس / الخليج الفارسي.