وكأنّ هذا كان قبل قتله بسنة ، وأخبر به الصادق عليهالسلام صاحبه أبا بصير الأسدي الكوفي ، ذلك أنّ المعلّى كان من مواليهم ، ولكنّه استكتمه قال له : يا أبا محمّد اكتم عليّ ما أقول لك في المعلّى! ثمّ قال : أما إنّه ما ينال درجتنا إلّابما ينال منه داود بن علي (العباسي ، وذلك قبل ولايته المدينة) قلت : وما الذي يصيبه من داود؟ قال : يدعو به فيأمر به فيضرب عنقه ويصلبه! قلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون! قال : ذلك (في العام) القابل.
قال أبو بصير : فلمّا كان القابل ولّي (داود) المدينة فقصد قصد المعلّى فدعاه وسأله عن «شيعة» أبي عبد الله وأن يكتبهم له! فقال : إنّما أنا رجل أختلف في حوائجه وما أعرف له صاحباً! فقال : تكتمني! أما إنك إن كتمتني قتلتك! قال المعلّى : تهدّدني بالقتل! والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم! وإن أنت قتلتني لتسعدنّي واشقيك (١)!
فلمّا أراد قتله قال له المعلّى : إنّ لي ديناً كثيراً أو مالاً فأخرجني إلى الناس حتّى أشهد بذلك! وكان على شرطة المدينة رجل يسمّى السيرافي فأمره داود العباسي أن يخرجه ، فأخرجه إلى السوق ، فلمّا اجتمع الناس قال : أيها الناس! أنا معلّى بن خُنيس فمن عرفني فقد عرفني ، واشهدوا أنّ ما تركت من مال عين أو دين أو أَمة أو عبد أو قليل أو كثير فهو لجعفر بن محمّد!
وكأنّ داود كان قد أمر السيرافي إذا قال ذلك بقتله فشدّ عليه فقتله (٢) ثمّ صلبه وصادر أمواله!
هذا والصادق عليهالسلام كان قد حجّ تلك السنة (١٣٢ ه) ولا زال مجاوراً بمكّة ، وعاد داود إلى المدينة فاستغلّ غيبته عليهالسلام. وكان معه إسماعيل بن جابر
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٣٨٠ ، الحديث ٧١٣.
(٢) اختيار معرفة الرجال : ٣٧٧ ، الحديث ٧٠٨.