ومن أخبار ابن خنيس : ما أرسله عنه العياشي (١) وأسنده الصدوق : أنّ الصادق عليهالسلام في ليلة من الليالي بعد مطرة خرج ومعه جراب كبير من جلود الأغنام فيه شيء يحمله ، فتبعه المعلّى ، وفي أثناء الطريق سقط منه شيء ، فتقدم المعلّى وسلّم عليه فأجابه وعرفه وكان الجو مظلماً فقال للمعلى : التمس بيدك (في الأرض) فما وجدته فادفعه إليّ. فالتمس المعلّى الأرض بيديه فإذا هو خبز منتثر فدفعه إليه وطلب منه أن يحمل الجراب عنه فقال : أنا أولى به منك! ولكن امضِ معي. فمضى معه حتّى أتى سقيفة بني ساعدة وفيها قوم نيام من الفقراء ، فجعل الإمام يدس الرغيف والرغيفين يدخله تحت ثيابهم حتّى أتى على آخرهم ثمّ انصرف.
فقال له المعلّى : هل هؤلاء ممن يعرف هذا الأمر (الإمامة)؟ قال : لا ، لو عرفوا كان الواجب علينا أن نواسيهم حتّى في الملح! ثمّ قال : إنّ الله لم يخلق شيئاً إلّا وله خازن يخزنه إلّاالصدقة ، فإن الربّ تبارك وتعالى يليها بنفسه! وإنّ صدقة الليل (السر) تطفئ غضب الربّ وتمحو الذنب وتهون الحساب ، وصدقة النهار (الجهار) تزيد في العمر وتنمي المال (٢).
ومن صدقته في النهار ما نقله المجلسي عن الصوري عن إسحاق بن إبراهيم كان مع المعلى بن خنيس عند الصادق عليهالسلام إذ دخل رجل من أهل خراسان فقال له : يابن رسول الله ، أنا من مواليكم «أهل البيت» وبيني وبينكم شقة بعيدة ، وقد قلّ ما بيدي فلا أقدر أن أتوجه إلى أهلي إلّاأن تعينني! فنظر الصادق عليهالسلام إلى من عن يمينه وشماله وقال لهم : ألا تسمعون ما يقول أخوكم؟ وإنما المعروف ابتداءً ، وأ مّا ما أعطيت بعد ما سأل فإنما هو مكافأة لما بذل من وجهه ..
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ١٠٧ تفسير الآية ١٠٧ من التوبة.
(٢) ثواب الأعمال : ١٧٣ وله تتمة عن عيسى وعن الباقر عليهالسلام ، واللفظ للعياشي.