وكان أبو مسلم قال لعيسى بن موسى أن يركب معه إلى المنصور ، فقال له : أنت في ذمتي! ولكنّه أبطأ عليه. والآن قيل : إن عيسى بن موسى بالباب ، فقال المنصور : أدخلوه ، فلمّا دخل قال : أين أبو مسلم؟ قال : كان هاهنا فخرج! فقال : يا أمير المؤمنين قد عرفت طاعته ومناصحته ورأي إبراهيم الإمام فيه! فقال المنصور : يا أنوك (أحمق) والله ما أعرف عدواً أعدى لك منه! هاهو ذا في البساط! فقال عيسى : إنا لله وإنّا إليه راجعون.
ثمّ أمر المنصور أن يطرح رأسه إلى قوّاده بالباب! فبعضهم اتكأ على سيفه فمات وهمَّ كثير منهم أن يبسطوا سيوفهم على الناس وأرادوا القتال ، فلمّا علم المنصور بذلك أمر لهم بالعطاء وأجزل الصلات للقواد والرؤساء وعهد إليهم : من أحبّ منكم أن يكون هاهنا معنا نأمر بإلحاقه بالديوان في ألف من العطاء ، ومن أحبّ أن يلحق بخراسان كتبنا له خمسمئة ترد عليه في كل عام وهو في بيته!
فقالوا : رضينا يا أمير المؤمنين كل ما فعلت فأنت الموفق. فمنهم من رضي بالمقام معه ومنهم من لحق بخراسان (١) قال اليعقوبي : وكان ذلك في شعبان سنة (١٣٧ ه) (٢) وقال خليفة : لأربع بقين منه (٣).
وذكر ابن العبري : أنّه كان يُخبز في مطبخه ثلاثة آلاف قرص خبز ومئة شاة سوى البقر والطير ، وله ألف طبّاخ ، وآلات مطبخه تُحمل على ألف ومئتي رأس من الدواب ، وقَتل ستمئة ألف صبراً سوى من قتل في الحروب (٤).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ١٦١ ـ ١٦٣.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٦٨.
(٣) تاريخ خليفة : ٢٧٢.
(٤) تاريخ مختصر الدول : ١٢١.