فلم يمض عليه شيء كثير حتى أُشيع عنه أنّه يقرّب إليه أصحاباً هم أصحاب حَمام وشراب حرام ويقطعون الطريق ولا يصلون (١).
واجتمع أبو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم الثقفي مولاهم الطحّان ، وزرارة بن أعين الشيباني مولاهم الرومي وابن أخيه عبد الله بن بكير ، وحجر بن زائدة الثقفي ، فكتبوا فيما بينهم كتاباً إلى الصادق عليهالسلام قالوا فيه : إنّ المفضّل يجالس الشُطّار وأصحاب الحَمام وقوماً يشربون الشراب! فينبغي لك أن تكتب إليه تأمره أن لا يجالسهم. وحملوا الكتاب معهم إلى الصادق عليهالسلام.
فكتب كتاباً إلى المفضّل وختمه ودفعه إليهم وأمرهم أن يدفعوا الكتاب إلى المفضل بأيديهم! فجاؤوا بالكتاب إلى المفضّل ودفعوه إليه ففكّه وقرأه ثمّ دفعه إلى زرارة فإذا فيه : بسم الله الرحمنِ الرحيمِ ، اشترِ كذا وكذا .. ولم يذكر قليلاً ولا كثيراً مما قالوا فيه! ودفعه زرارة إلى محمد بن مسلم حتّى دار الكتاب إلى الكلّ. فقال لهم المفضّل : فما تقولون؟! قالوا : هذا مال عظيم حتّى ننظر وتجمع ونحمل إليك. وأرادوا الإنصراف ، فقال المفضّل حتى تتغدّوا عندي ، فحبسهم لغدائه.
ووجّه المفضّل إلى أصحابه الذين سعوا بهم فجاءوا ، فقرأ عليهم كتاب الصادق عليهالسلام فرجعوا ، ثمّ عادوا وقد حمل كل واحد منهم على قدر قوته ألفاً وألفين وأقل وأكثر ، فأحضروا ألفي دينار وعشرة آلاف درهم! قبل أن يفرغ هؤلاء من الغداء! فقال لهم المفضّل : تأمروني أن أطرد هؤلاء من عندي ، تظنّون أن الله تعالى يحتاج إلى صلاتكم وصومكم (٢)!
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٣٢٧ ذيل الحديث ٥٩٢.
(٢) المصدر : ٣٢٦ صدر الحديث ٥٩٢.