فقال عليهالسلام : قد عرفت ما بيني وبينهم! فإن تُقنعك منّي آية من كتاب الله تلوتها عليك! قال : هات. فتلا عليهالسلام قوله سبحانه : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لَايَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَايَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَايُنْصَرُونَ (١)) فقال المنصور : كفاني وقام إليه فقبّل ما بين عينيه (٢).
ولكنّه كأنه لم يكفه هذا التأمين له من الصادق عليهالسلام فكان يضايق عليه في غير الموسم ، فيقول عليهالسلام لعنبسة بن مصعب من زواره في الموسم : أشكو إلى الله وحدتي وتقلقلي من أهل المدينة حتّى تَقدموا وأراكم وأُسَرَّ بكم! فليت هذا الطاغية أذن لي فاتخذت قصراً فسكنته وأسكنتكم معي وأضمن له أن لا يجيء من ناحيتنا مكروه أبداً (٣)!
وكان سليمان بن خالد من نخع الكوفة مع زيد بن علي ثمّ نجا إلى المدينة فاهتدى إلى الباقر ثمّ الصادق عليهماالسلام ، واهتدى به ابن اخته العَيص بن القاسم الأسدي فدخل معه على الصادق فقال له : من هذا الفتى؟ قال : هذا ابن أُختي. قال : فيعرف أمركم (الإمامة) قال : نعم. ثمّ قال عليهالسلام : يا ليتني وإياكم بالطائف أُحدثكم وتؤنسوني ونضمن لهم أن لا نخرج عليهم (٤).
__________________
(١) الحشر : ٥٩.
(٢) نثر الدر ١ : ٣٥٢ ، وعنه في كشف الغمة ٣ : ٢٤٥. وقد قال اليعقوبي : إنّه في سفره هذا أخذ معه عبد الله بن الحسن وقومه ، ويرجح أنّ ذلك كان في (١٤٤ ه).
(٣) اختيار معرفة الرجال : ٣٦٥ ، الحديث ٦٧٧ ومثله في روضة الكافي كما في بحار الأنوار ٤٧ : ١٨٥.
(٤) اختيار معرفة الرجال : ٣٦١ ـ ٣٦٢ ، الحديث ٦٦٩ وكأنه عليهالسلام أراد بهذا التأكيد له على أن ليس من شرط الإمام الخروج بالسيف ، خلافاً للزيدية.