فقال عيسى : يا أمير المؤمنين! من الصواب أن تولّي المدينة رجلاً من أهل بيتك له مكر ونكر ، وتأمره بطلبهما والبحث عنهما وإذكاء العيون عليهما حتى يظفرك الله بهما!
فقال : يا أبا موسى ، إنهما لم يُظهروا عدواتهما لنا فهي باطنة ، فإن استكفيت أمرهما رجلاً من أهل بيتي منعته الرحم من المكروه إليهما وحجزته القرابة من طلبهما!
قال : فولّ المدينة رجلاً من خراسان له حدّ وجِد ، ومُره أن يقعد لهما بكل مرصد ولا يفتر عنهما!
فقال : يا أبا موسى ، إنّ محبة «آل أبي طالب» ممتزجة بمحبّتنا في قلوب أهل خراسان ، فإن ولّيت أمرها رجلاً من خراسان حالت محبته لهما بينه وبين طلبهما والفحص عنهما! ولكنّ أهل الشام قاتلوا علياً على أن لا يتأمر عليهم ثمّ مات علي وهلك الذين قاتلوه ، فقام من بعده بنوه يطلبون الأمر فقام أبناء أهل الشام الذين قاتلوه فمنعوا بنيه الأمر وسفكوا دماءهم ، للبغض الذي ورثوه عن آبائهم! فالرأي أن اولّي المدينة رجلاً من أهل الشام!
فولّاها رياح بن عثمان المرّي وشحذه على طلبهما.
فلما قدم المدينة صعد المنبر فقال لهم : يا أهل يثرب! لا مقام لكم فاربعوا! أنا ابن عم مسلم بن عقبة الفهري الشديد الوطأة عليكم! الوبيل الوقعة بكم! الخبيث السيرة فيكم! ثمّ أنتم اليوم عقب الذين حصدهم السيف! وايم الله لأحصدنّ منكم عقب الذين حصد! ولألبسنّ الذلّ عقب من ألبس (١).
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ١١٧ ـ ١١٨ ، الحديث ١١٨.