وقالت خديجة : فحُمّ الإمام عليهالسلام عشرين ليلة لم يزل يبكي الليل والنهار حتّى خفنا عليه (١).
واتي المنصور بهم ، وأحضر عبد الله وقال له : دلّني على ابنك (محمّد) وإلّا قتلتك!
فقال عبد الله : لقد امتُحنت بأشدّ مما امتحن الله به خليله إبراهيم! وإنّ بليّتي لأعظم من بليّته! لأن الله عزوجل أمره أن يذبح ابنه ، وكان ذلك طاعة لله عزوجل ومع ذلك قال : (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (٢)) وأنت تريد منّي أن أدلّك على ابني (محمّد) لتقتله! وقتله سخط لله!
فقال المنصور له : يابن اللخناء وأنت تقول هذا!
فقال عبد الله : ليت شعري أيّ الفواطم لخَّنت يابن سلامة! أفاطمة بنت الحسين (أُمه)؟! أم فاطمة بنت رسول الله؟! أم جدتي فاطمة بنت أسد بن هاشم جدة أبي؟! أم فاطمة ابنة عمرو بن عائد المخزومي جدّة جدتي؟!
قال المنصور : ولا واحدة من هؤلاء (٣)!
ويظهر من خبر الكليني عن موسى بن عبد الله الحسني كأنه لم يكن معهم إلى الربذة ، ويظهر من خبر أبي الفرج الإصفهاني بسنده عنه أنّه كان معهم قال : لما صرنا بالربذة أرسل المنصور إلى أبي أن أرسل إليّ أحدكم. فأرسلني إليه وأنا يومئذٍ حدث السن ، فلمّا نظر إليّ قال : لا أنعم الله بك عيناً! ثمّ أمر غلامه بضربي
__________________
(١) اصول الكافي ١ : ٣٦١ ، كذا ، وهذا بظاهره ينافي أخبار إحضاره عليهالسلام بعدهم إلى المنصور بالربذة ، فظاهرها المبادرة والاتصال وليس الانفصال البعيد.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٧٠ والآية من الصافات : ١٠٦. وفي الكتاب : العظيم ، خطأ.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٧٠.